تنفيذا لمقتضيات النظام الأساسي لحزب الاستقلال وفي إطار الدينامية التنظيمية التي تبنتها قيادة الحزب، ترأس الأخ الدكتور عبد الجبار الرشيدي عضو اللجنة التنفيذية والمنسق الجهوي للحزب يوم السبت 13 أكتوبر 2018 بمقر الحزب بطنجة، أشغال المجلس الإقليمي لطنجة أصيلة، تحت شعار "نحو تعاقد سياسي جديد".
وقد افتتحت أشغال المجلس بآيات من الذكر الحكيم، تناول بعدها الأخ عبد المجيد دبون الكلمة، نيابة عن المفتش الإقليمي، استعرض خلالها مختلف الأنشطة الحزبية المنجزة من قبل المفتشية طيلة مابين دورتي المجلس الإقليمي للحزب.
وقدم الدكتور جمال بخات تقرير المكتب الإقليمي حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي يعرفها الإقليم، وقف فيها على العديد من الإكراهات والمشاكل التي تعرفها المنطقة ومنها مشكل التشغيل والصحة، والتعليم والبنيات التحتية التي اقتصر الاهتمام بها فقط في الواجهة، بالإضافة إلى العديد من المشاكل الاجتماعية الأخرى كانحراف الأطفال والشباب وتعاطي المخدرات وغيرها.. .
كما تم تقديم تقرير خاص عن الوضعية العامة بمدينة أصيلة التي تعاني من تدهور خطير خصوصا على مستوى الخدمات الصحية، وكذا تدهور الوضع البيئي بالإقليم أمام العجز الواضح للمسؤولين عن إيجاد حل عملي لهذه المشاكل.
وفي بداية عرضه السياسي أبرز الدكتور عبد الجبار الرشيدي عضو اللجنة التنفيذية والمنسق الجهوي للحزب أن المغرب في حاجة إلى إصلاحات سياسية وإلى عقلنة المشهد السياسي، واحترام مخرجات العملية الانتخابية والإرادة العامة، وعدم الالتفاف حولها عند تشكيل الأغلبيات والتحالفات، في تشكيل المجالس التمثيلية، لأن ذلك يفضي إلى مجالس ومؤسسات هجينة، واصطفافات مصطنعة، مما يزيد من ضبابية وغموض المشهد السياسي ببلادنا، وينفر الشباب من العمل السياسي ، ويضعف الثقة في المؤسسات المنتخبة ببلادنا، مذكرا بالتصدع التي تعرفه الحكومة وكذا العديد من المجالس المنتخبة، مما يضيع على بلادنا فرصا حقيقية للإصلاح والتنمية.
وفي هذا السياق ذكر الأخ الرشيدي بمضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان، والذي دعا فيه الأحزاب السياسية إلى تطوير أدائها وآليات اشتغالها، منوها بقرار جلالة الملك الرفع من الدعم العمومي للأحزاب حتى تستطيع القيام بأدوارها الدستورية في تأطير المواطنين، مبرزا أن المشهد السياسي المغربي في حاجة إلى إصلاحات جوهرية يكون مدخلها الأساسي إعادة صياغة علاقة الدولة بالأحزاب بناء على مشروع مجتمعي بهوية واضحة ومتوافق عليه.
وحول حالة الاحتقان الاجتماعي الذي تعرفه عددا من مناطق المغرب، ذكر الأخ عبد الجبار الرشيدي بالمبادرات التي اتخدها الحزب من أجل إيجاد حلول واقعية لعدد من المشاكل المرتبطة أساسا بالتنمية وبتشغيل الشباب، مبرزا في هذا السياق مضامين المذكرة التي رفعها الحزب إلى رئيس الحكومة من أجل تعديل قانون المالية لسنة 2018 حتى يستجيب للرهانات والتحديات المرحلية لبلادنا، لكن للأسف لم يكن هناك تجاوب فعلي مع هذه المذكرة من طرف الحكومة.
وقال الأخ الدكتور الرشيدي أن غياب الرؤية الاستراتيجية للمعالجة البنيوية للتحديات الاقتصادية وللمشاكل الاجتماعية، بالإضافة إلى بطئ زمن الإصلاح وعدم القدرة على التنفيذ الفعلي للأوراش والمشاريع الكبرى، وهو ما يضيع على بلادنا فرص حقيقية للتنمية، ويزرع الشك والإحباط لدى المواطنين خصوصا لدى فئة الشباب.
ووقف الأخ الرشيدي في هذا السياق على عودة ظاهرة الهجرة السرية بقوة، والتي امتدت لتشمل حتى هجرة الأدمغة والكفاءات المغربية والتي يفقد بسببها المغرب رأسمال بشري مهم، الأمر الذي يزيد من إضعاف منسوب الثقة في المؤسسات التمثيلية ببلادنا ويزيد من النفور من العمل الساسي، و يطرح علامات استفهام جدية حول مسار الديمقراطية ببلادنا، وإضعاف قيام الأحزاب بأدوارها الدستورية في تأطير المواطنين باعتبارها مؤسسات وسيطة بين الدولة والمجتمع، لدرجة أصبحت الدولة تجد نفسها وجها لوجه مع ما تشهده عدد من اقاليم المملكة من احتجاجات، تضاعف لها إشكالية تصاعد الهجرة نحو الخارج.
وسجل الأخ عبد الجبار الرشيدي استنكار حزب الاستقلال للشعارات التي رفعت بمدينة تطوان، والتي تمس بالحس والشعور الوطني وبالمؤسسات ببلادنا، معتبرا أن التظاهر السلمي حق دستوري لكن لا ينبغي أن يكون مطية للمس بثوابت البلاد.
وتسائل الأخ الرشيدي عن مآل مستقبل المغرب مع هذه الحكومة، في ظل انحصار النموذج التنموي الحالي وعدم قدرته على مواكبة المتغيرات الدولية والرهانات الوطنية الكبرى، مع تراجع معدلات التشغيل، ومحدودية آثار الثروة الوطنية على النمو و على الخدمات الاجتماعية، وفي ظل تراجع الفاعل السياسي عن لعب أدواره السياسية والدستورية، واستمرار مظاهر الأزمة على المستوى الاجتماعي في عدد من مناطق المغرب.
و دعا الأخ عبد الجبار الرشيدي إلى ضرورة إحداث القطائع الضرورية مع مسارات الأزمة ومع الاختيارات التي أبانت عن محدوديتها، ولم تعد قادرة على الاستجابة لمتطلبات المواطنين وضمان حقهم في الكرامة والعيش الكريم.
وفي الجانب التنظيمي، دعا الأخ الرشيدي إلى تكثيف العمل ومواصلته من أجل تغطية كافة الجماعات الترابية بفروع الحزب وتنظيماته الموازية وكذا إحداث فروع للروابط على مستوى الإقليم، انسجاما مع استراتيجية الحزب 2017-2021، مذكرا بقرار اللجنة التنفيذية للحزب بجعل هذه السنة سنة التنظيم بامتياز.
كما دعا إلى الاشتغال الحزبي الميداني على مستوى الدوائر والأحياء في إطار رؤية القرب التي قدمها الأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال والتي تجعل من الترافع والتطوع مدخلان أساسيان للاستجابة لحاجيات وانتظارات المواطنين، وتقوية إشعاع الحزب وإيصال رسالته الوطنية، والتفاعل مع المواطنات والمواطنين.