تدخل الأخ النعم ميارة عضو الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين خلال الجلسة العمومية المنعقدة يوم الجمعة الماضية لمناقشة الشقين الاقتصادي والاجتماعي من مشروع القانون المالي 2018 ، وقد استعرض الأخ ميارة مجموعة من الجوانب المتعلقة بالنموذج التنموي، نقط الضعف التي تعانيها المقاولات وأزمة التشغيل، ومظاهر الخصاص المهول في القطاعات الاجتماعية وخاصة التعليم والصحة، في مايلي النص الكامل لتدخل الأخ ميارة :
باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
لقد كنا ننتظر من مشروع قانون المالية الذي نناقشه اليوم، أن يقطع مع توجهات ومنطلقات قوانين المالية السابقة، وأن يؤسس لمرحلة تنموية جديدة تضع على الأقل معالم النموذج التنموي الجديد، وذلك طبقا للتوجيهات الملكية المتضمنة في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية، حيث أكد جلالته “أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية……إننا نتطلع لبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره، ومعالجة نقط الضعف والاختلالات، التي أبانت عنها التجربة”.
المشروع ينطلق من فرضيات غير واقعية
إن من بين التوجهات العامة لمشروع قانون مالية 2018 نجد ترسيخ الجهوية المتقدمة. وهنا ينبغي الإشارة إلى أن التنزيل الحقيقي لن يتم الا بالبدء بنقل الاختصاصات إلى الجهات، ومصاحبتها بنقل الاعتمادات المرصودة في إطار الميزانية العامة الى الجهات، وليس فقط برفع حصة الجهات من الضريبة على الشركات وعلى الدخل من 3 الى 4 في المائة. فالقانون المتعلق بالجهوية المتقدمة يتأسس على ضرورة توسيع اختصاصات الجهات.
حضرات السيدات والسادة، إن هذا المشروع ينطلق من فرضيات غير واقعية نناقشها كما يلي:
تحسن الذي عرفه نمو الاقتصاد الوطني من %1,2 سنة 2016 إلى %4 سنة 2017 (بفضل سنة فلاحية جيدة) ، غير أن هذا التحسن يتوقع تراجعه إلى %2,9 سنة 2018 (حسب المندوبية السامية للتخطيط)، بينما مشروع قانون المالية لسنة 2018 يفترض تحقيق 3,2 في المائة.
انتعاش طفيف لوتيرة نمو الأنشطة غير الفلاحية، لتنتقل من%2,2 سنة 2016 إلى %2,5 سنة 2017 ثم إلى %2,9 سنة 2018 (حسب المندوبية السامية للتخطيط) ، بينما مشروع قانون المالية لسنة 2018 يفترض تحقيق 3,6 في المائة.
تراجع عجز الميزانية، منتقلا من%4 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2016 إلى %3,8 سنة 2017 ثم إلى%3,5 سنة 2018(حسب المندوبية السامية للتخطيط) (ويتوقع مشروع قانون المالية إلى حصره في حدود 3 في المائة)
مواصلة ارتفاع دين الخزينة: على الرغم من أن الحكومة تعلن قدرتها على التحكم في مديونة الخزينة واتخاذها التدابير الضرورية من أجل تقليص نسبة دين الخزينة من الناتج الداخلي الإجمالي، نسجل أن دين الخزينة، سواء الداخلي أو الخارجي، يواصل ارتفاعه. وبالتالي نسجل ما يلي:
ارتفاع دين الخزينة من 430,9 مليار درهم سنة 2011 الى 673,2 مليار درهم مع متم الست أشهر الأولى من سنة 2017، بارتفاع يقدر ب 56,2 في المائة ما بين 2011 و2017
نسبة ارتفاع دين الخزينة تفوق نسبة ارتفاع الناتج الإجمالي الداخلي، وبالتالي يصعب التأكيد أن نسبة دين الخزينة من الناتج الإجمالي الداخلي في طريقها للتقليص ، علما أن هذه النسبة ترتفع من سنة إلى أخرى (58,2% في سنة 2012؛ 61,7% في سنة 2013؛ 63,4% في سنة 2014؛ 63,7% في سنة 2015؛ 64,7% في سنة 2016).
من المرتقب أن تصل نسبة دين الخزينة 65,3 في المائة مع متم 2017، وذلك بالاعتماد على تطور الناتج الداخلي الإجمالي.
تفاقم عجز الميزان التجاري في حدود%18,8 من الناتج الداخلي الإجمالي سنتي 2017 و2018 عوض%18,2 سنة 2016.
بناء على تطور السكان النشيطين وتراجع عدد مناصب الشغل الصافية، سيعرف معدل البطالة ارتفاعا لينتقل من %9,6 سنة 2016 إلى %10,7 سنة 2017، ومن المتوقع أن يصل إلى %10,2 سنة 2018. ارتفاع مستمر ومتزايد لعدد العاطلين ليصل إلى مايناهز مليون و200 ألف عاطل عن العمل .
ارتفاع نفقات المعدات
في الوقت الذي ننادي فيه بالتحكم في عجز الميزانية العامة عبر التقليص من نفقات التسيير، خاصة نفقات المعدات والنفقات المختلفة، نجد أن هذه النفقات ارتفعت بحوالي 6 مليار درهم ما بين 2017 و2018 (لتنتقل من حوالي 35,5 مليار إلى 41,5 مليار درهم)، في الوقت الذي كان فيه متوسط ارتفاع نفقات المعدات والنفقات المختلفة لا يتجاوز 2 مليار درهم. وهنا لابد أن نسجل أن نسبة نفقات المعدات والنفقات المختلفة من الناتج الداخلي الإجمالي ارتفعت من 3,3 في المائة إلى 3,7 في المائة، في حين أن هذه النسبة كانت قد انخفضت من 3,4 سنة 2016 إلى 3,3 سنة 2017. على الحكومة السعي الجدي إلى التقليص من هذه النفقات .
ومن جهة أخرى فإن الارتفاعات التي يتم التحدث عنها في القطاعات الاجتماعية همت فقط ميزانيات التسيير نتيجة ارتفاع الأجور من جراء الارتفاع العادي والتوظيف بالتعاقد وميزانيات التسيير، بينما ميزانيات الاستثمار التي من شأنها تحسين الولوج للصحة والتعليم على الخصوص لم تعرف زيادات مهمة :
ميزانية الاستثمار لوزارة الصحة انتقلت من 2,4 مليار درهم سنة 2017 الى 2,5مليار درهم (أي بزيادة فقط 100 مليون درهم)، في حين أن ميزانية التسيير ارتفعت بأزيد من 400 مليون درهم (من 11,9 مليار درهم الى 12,3 مليار درهم)
كيف يمكن ان نرفع من عدد المستفيدين من نظام المساعدة الطبية راميد إلى أكثر من 11 مليون مستفيد، دون الرفع من الاعتمادات المخصصة لدلك؟ ميزانية الاستثمار لوزارة التعليم ارتفعت من 4,8 مليار درهم إلى 5,8 مليار درهم (+ 1 مليار درهم)، في حين ارتفعت ميزانية التسيير من 49,5 إلى حوالي 53,5 مليار درهم (+ 4 مليار درهم) وذلك راجع بالأساس إلى ارتفاع عدد الاساذة المتعاقدين (20000 استاذ متعاقد)
غياب تقييم حقيقي للنفقات الجبائية من أجل معرفة وقعها على النمو وعلى دعم المقاولة بالخصوص، حيث يلاحظ الرجوع الى وثيرة ارتفاعها، حيث ارتفعت بأزيد من 1,7 مليار ما بين 2015 و2017، حيث ناهزت حوالي 34 مليار درهم.
وهنا لا بد من أن نسجل أن قطاع البناء مازال يستفيد من إعفاءات ضخمة تقدر ب 8,5 مليار درهم (أزيد من 25 في المائة من مجموع الاعفاءات) في حين أن قطاع الصناعات الغذائية يستفيد فقط من 2,3 مليار درهم (أي بنسبة تناهز 7 في المائة) وقطاع السيارات يستقيد فقط من من حوالي 548 مليون درهم (بنسبة 1,6 في المائة). السياحة لا تستقيد الا من 166 مليون درهم أي بنسبة ضعيفة تقدر ب 0,5 في المائة). في إطار التوجه نحو وضع نموذج تنموي جديد كما دعا الى ذلك جلالة الملك، يتعين اعادة النظر بشكل شامل في منظومة النفقات الجبائية من أجل جعلها تساير النموذج التنموي الذي تطمح إليه بلادنا
تخصيص الملك الخاص للدولة للاستثمارات بما لا يتماشى مع التوجهات العامة لقوانين المالية:
استفادة قطاع البناء والسكن من 34 في المائة من مجموع المساحات المخصصة في سنة 2016، بينما تخصيص فقط 5,6 في المائة للقطاع الصناعي و0,64 في المائة للصحة.
على مستوى التوزيع الجغرافي، نسجل كذلك أن هذا التوزيع غير منصف ولا يساهم في تحقيق تنمية متوازنة بين جهات المملكة.
غياب معطيات حول تنفيذ استثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية
حري بنا أن نتساءل اليوم عن مدى تنفيذ استثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية بالنسبة للسنوات السابقة، حيث أن الأرقام المعلنة ضخمة. وما مدى وقعها على النمو وعلى إحداث فرص الشغل، حيث بلغت الاستثمارات العمومية ما يناهز 195 مليار درهم في 2018 مقابل 190 مليار درهم في 2017 و 189 مليار درهم في 2016. نطلب من الحكومة ان تمدنا بحجم الاسثمارات المنجزة على أرض الواقع وكذا انعكاسها على مستوى النمو والتشغيل، لكي نتمكن من تقييم حقيقي للاعتمادات التي تخصص سنويا للاسثتمار سواء المتعلق بالميزانية العامة او المؤسسات والمقاولات العمومية. المبالغ المعلن عنها سنويا لاتتعدى كونها توقعات.
عدم انسجام التدابير الجبائية المقترحة مع التوجهات العامة المعلنة للمشروع
لا يسعنا إلا أن نهنئ إدارة الضرائب لانخراطها في تبسيط مدونة الضرائب وتجويد نصوصها وتقديمها وتبويبها بما يضفي على مدونة الضرائب المزيد من الوضوح والشفافية وتمكن المواطنين من التعرف بسلاسة على التزاماتها الضريبية. كما نهنئ ادارة الضرائب على سعيها لتنفيذ مجموعة من التدابير دأب الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية على اقتراح تعديلات بخصوصها كتطبيق مبدأ التصاعد فيما يتعلق بالضريبة على الشركات
على الرغم من تطبيق مبدأ التصاعد فيما يتعلق بالضريبة على الشركات، إلا أن المعدلات المقترحة لا تراعي القدرات التمويلية للمقاولات المتوسطة. يتعين إعادة النظر في:
المعدلات الضريبية بتخفيض المعدل الأقصى
إحداث معدل رابع بأشطر تراعي المقاولات المتوسطة
مراجعة الأشطر وتوسيعها
غالبية التدابير الجبائية المقترحة تهدف الى تبسيط وتوضيح وملاءمة المساطر الجبائية. وفي هذا الاطار، نحث ادارة الضرائب على تعميم اجبارية الاقرار الالكتروني والأداء الالكتروني للضرائب والرسوم
يتعين وضع تدابير جبائية وميزانياتية لوقف نزيف افلاس المقاولات (7216 مقاولة أعلنت افلاسها في سنة 2016 بزيادة تفوق 21,2 في المائة عن سنة 2015, أزيد من 15 ألف مقاولة أعلنت افلاسها منذ 2016). افلاس المقاولات أصبح يهدد الاقتصاد الوطني، على الحكومة أن تتخذ اجراءات مستعجلة لتفادي ازمة اقتصادية وشيكة مثل:
الاحترام الصارم لآجالات الأداء، مع تطبيق غرامات تراعي مدة التأخير التي تصل الى 10 أشهر في بعض الأحيان
تسريع أداء متأخرات الضريبة على القيمة المضافة التي تعد مشكل حقيقي بالنسبة للمقاولة.
الاقتصاد الوطني يمر بظرفية انتقالية دقيقة
إننا في حزب الاستقلال لا يسعنا في هذه الظرفية الانتقالية والدقيقة التي يمر منها الاقتصاد الوطني والاختلالات الاجتماعية المتراكمة، إلا أن نكون إيجابيين مع كل المبادرات التي يمكن للحكومة أن تسنها في مشروع قانون للمالية والتي من شأنها أن تحرك عجلة النمو وتوفر فرص الشغل وتصحح الاختلالات الاجتماعية وذلك بغض النظر عن موقعنا في المعارضة أو في موقع المساندة النقدية والبناءة للحكومة، لكن شريطة التحلي بالشجاعة السياسية لخلق قطيعة مع العقلية التدبيرية الاحترازية والتخطيط الفوقي الذي أبان عن محدوديته وعدم نجاعته، مع التوجه إلى بلورة سياسة تتجه نحو لا مركزية حقيقية تكون فيها شراكات مع الجماعات الترابية وعلى رأسها الجهات ، والعمل على تنزيل ميثاق وطني لعدم التمركز الإداري يكون قادرا على اتخاذ القرار المحلي ومؤطر للعمل الجهوي اللامركزي .
إن التوجه الحقيقي لخلق دينامية جديدة لن يكتمل في نظرنا إلا بخلق هيأة للحكامة الجيدة تتكفل بتتبع تنفيذ البرامج والمشاريع لدى السيد رئيس الحكومة وتعتمد نظرة أفقية تركز على التنسيق والالتقائية بين البرامج التنموية وتعمل على تقييم شامل للبرامج التنموية والمخططات القطاعية كمخطط المغرب الأخضر ومخطط ألييتوس والمخطط السياحي للمغرب الأزرق ومخطط التنمية الصناعية مع الانكباب إلى جانب ذلك على تقييم شامل للتدابير الجبائية التحفيزية (33 مليار درهم) التي تستفيد منها مختلف القطاعات عن طريق الإعفاءات الكلية أو الجزئية الدائمة أو المؤقتة والتخفيضات والأسعار المخفضة لمعرفة مدى نجاعة تلك التدابير وضرورة التخلي عنها كليا أو جزئيا لعدم تحقيق الأهداف الاقتصادية أو الاجتماعية المتوخاة من وراء منها.
وبهذه المناسبة لا يفوتنا أن نسجل الموقف المتأرجح للحكومة في اتخاذ قرار إحداث هيأة دائمة للحكامة وتتبع تنفيذ البرامج والمشاريع تكون تحت سلطة السيد رئيس الحكومة، واتجاه الحكومة إلى المجلس الأعلى للحسابات أو إلى المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة لوزارة الداخلية. في حين أن هاتين الأخيرتين تعتبران جهازين تابعين لوزارتين يمكن أن تكونا بدورهما محل افتحاص لمراقبة نجاعة الحكامة في المشاريع التي تسهران أو تشاركان في تنفيذها. لذا، يكون من النجاعة البحث عن إسناد دور مراقبة الحكامة الجيدة إلى جهاز مستقل تابع لرئيس الحكومة دون غيره.
اختلالات صارخة في توزيع خيرات وثمار النمو
إذا كانت كل المؤشرات المتعلقة بالنمو الاقتصادي للمغرب تبعث حسب الحكومة، على الارتياح والتفاؤل، فإن توزيع خيراته وثمار نموه يعاني من اختلالات صارخة. فالتقرير الذي أعد بأمر ملكي من طرف كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبنك المغرب ليجيب عن تساؤلات المغاربة أين هي ثروة المغرب؟ توصل إلى أن الثروة الموجودة بالمغرب تقدر بما يناهز 13.000 مليار درهم، أي 1.300 مليار أورو، 70% من هذه الثروة غير مادي؛ وأن هذه الثروة تضاعفت مرتين في عهد الملك محمد السادس نصره الله خلال الفترة الممتدة من 1999 إلى 2013. لكن توزيع ثمارها يعاني من غياب العدالة والإنصاف. فهناك نسبة 10% من أغنياء المغرب يستهلكون 33% من ثروته. ويعني ذلك أن حصيلة النمو لا تصل إلى كل المغاربة.
إن هذه الاختلالات الاجتماعية لن تساعد على إرساء سياسة تنموية متوازنة. والقراءة التقنوقراطية للوضع الاقتصادي في البلاد ستظل ناقصة، إذا لم تواكبها مقاربة سياسية وسسيولوجية وثقافية للمشاكل.
إخفاقات المنظومة التعليمية
فقطاع التعليم كمثال حي، يعتبر مفتاح صعود كثير من الاقتصاديات في آسيا مثل كوريا وسنغافورة وماليزيا وتركيا. ويمكن أن يكون كذلك في بلادنا محفزا لمضاعفة الرأسمال اللامادي الذي سيرتفع حسب بعض المختصين بنسبة 80%. لكنه يعاني من التأخر والشلل وبالتالي ضعف مردوديته ومساهمته في تنمية البلاد.
فمجرد نظرة شكلية بسيطة لا تنفذ إلى عمق أمراضه المتمثلة في مناهجه وطرق تدبيره ومقارباته البيداغوجية، تظهر لكل ملاحظ الكثير من هذه المشاكل. ولعل أهمها يكمن في تدبير الزمن المدرسي، ومن تجلياته الهدر والاكتظاظ وضعف التأطير. وإليكم بعض الأرقام المعبرة عن هذا الواقع البئيس :
المكررون في أسلاك التعليم : 413.000 في السنة ؛
نسبة التخرج في الإجازة : 3,42% (3 سنوات) ؛
نسبة التخرج بعد 5 سنوات : 6,7% ؛
نسبة الطلبة الذين يحصلون على إجازة خلال ست سنوات : 3,9% ؛
والانقطاع عن الدراسة يرتفع كلما تقدم التلميذ في المستوى كما يلي :
%1,2 في الابتدائي بالنسبة للسنة الدراسية 2016 – 2017
2,10% في الإعدادي والثانوي عن السنة الدراسية 2016 – 2017
ويهم الأمر إجمالا 400 ألف تلميذ سنويا.
نسبة الاكتظاظ : 8،8% في الابتدائي بمعدل 40 تلميذ في القسم ؛
26% في الإعدادي، أي 45 تلميذ في القسم كمعدل ؛
23% في الثانوي، أي ما يناهز 44 تلميذ في القسم كمعدل.
وفي بعض الكليات ككليات الحقوق 260 طالب لكل مائة مقعد.
التأطير: 189 طالب لكل أستاذ في كليات الحقوق و85 طالب لكل أستاذ في كليات الآداب و31 طالب لكل أستاذ في كليات العلوم.
وفي هذا الصدد، نذكر باستنتاجات آخر تقرير صادر عن المنتدى الدولي الاقتصادي (WEF) حول الأعمال والذي صنف المغرب في مجال التعليم والتكوين سنة 2017 في المرتبة 110 فيما يخص تنافسية القطاع و120 فيما يخص جودة التعليم.
إن هذا الوضع غير السوي يسائلنا جميعا. ونتمنى أن تثمر الجهود التي تبذلها الحكومة الحالية وجهود كل المسؤولين التربويين في إصلاحه. فبرامج الوزارة المشرفة على قطاع التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي أكدت على تقليص نسبة الاكتظاظ في هذه السنة إلى 30 تلميذ في السنة الأولى ابتدائي وإلى 36 تلميذ في باقي السنوات، وإلى 44 تلميذ بالنسبة للطورين الإعداد والثانوي.
تفاقم اختلالات وأعطاب القطاع الصحي
يعتبر قطاع الصحة قطاعا حيويا في جميع الدول. فبدون صحة لن يكون هناك عقل سليم ولن يكون هناك مواطن منتج ومطمئن ذهنيا. غير أن هذا القطاع بدوره يعاني منذ عقود من الاختلالات والأعطاب.
فالتقرير الذي أعدته النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام قدم صورة قاتمة عن وضع المستشفيات العمومية. فهناك خصاص مهول في الأطر الطبية وشبه الطبية والموارد البشرية. وبشكل عام، هناك خصاص في التجهيزات الضرورية للعمل والوسائل البيوطبية. كما أن هناك نقصا كبيرا في المواد البشرية والأطباء على الخصوص في مختلف الجهات وخصاص كبير في التخصصات.
وهنا يمكن أن نقدم بعض الأمثلة. ففي العالم القروي نجد العديد من الجماعات الترابية تعرف فائضا في الموارد البشرية، وغير بعيد عن مقر هذه الجماعات نجد مستوصفات فارغة من أي ممرض ومدارس بدون معلمين.
كما أن بعض الاحصائيات كشفت أن 75 % من المستشفيات غير صالحة للقيام بالمهام التي أنشئت من أجلها. فهي عبارة عن جدران متسخة لا تصلح حتى لإيواء القطط. وهذه المرافق لا تحترم المعايير المعتمدة من طرف منظمة الصحة العالمية. حتى الأموال التي ترصد لتأهيلها هي مجرد تبذير وهدر للمال العام. لذا، صنفت في أسفل الترتيب على المستوى العالمي.
فلا نستغرب إذا لنسبة الوفيات في صفوف الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة والذين يلجؤون كرها لهذه المرافق وكذا في صفوف النساء الحوامل والأطفال الرضع. ولا نستغرب كذلك لعودة أمراض الفقر في بلادنا كالسل والجذام واللشمانيا.
إن هذا الوضع يمس بحق المواطنين في ولوج الخدمات الصحية ويمس كذلك بحقوقهم الإنسانية والدستورية في المساواة والمواطنة.
والغريب في كل هذا، أن هذا الوضع ليس قدرا محتوما. فبقليل من الإرادة والعزيمة يمكن تغييره إلى ما هو أفضل. فلو كانت هناك إرادة وتصميم على المستوى الوطني والجهوي لتم إعادة تكوين الفائض من الموظفين وتعيينهم في مثل هذه المرافق التي تعاني من الخصاص المذكور.
جوهر المشاكل التي تتخبط فيها القطاعات الاجتماعية
إن الإمكانيات المالية والموارد البشرية التي رصدتها الحكومة في الميزانية العامة لسنة 2018 إذا كانت مهمة بالنسبة للبعض نظرا لحجمها، والنسبة التي خصصت منها للقطاعات الاجتماعة أي ما يناهز 50% من الميزانية. فقطاع التعليم رصد له 59 مليار درهم، أي بزيادة 5 مليارات درهم مقارنة مع 2017 و20 ألف منصب مالي في إطار التعاقد، إضافة إلى 35 ألف منصب محدث برسم سنة 2017 أي ما مجموعه 55 ألف منصب شغل في ظرف سنتين)، فالسؤال الذي يظل مطروحا : هل معالجة مشاكل التعليم يكمن في توفير الموارد المالية والبشرية فقط ؟ أم أن جوهر اختلالات القطاع يكمن في التخطيط وإعداد البرامج البيداغوجية الملائمة في إطار سياسية تعليمية محكمة تستشرف الآفاق المستقبلية ؟
ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن إصلاح المنظومة التربوية بشكل جذري، وبعدما قمنا بتجارب عديدة وأعددنا برامج طوال عقود، كان آخرها البرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين والذي رصدت له مبالغ ضخمة (54 مليار درهم من 2009 إلى 2015)، دون أن يحقق الأهداف المرسومة له، ها نحن نعيد الكرة وفي إطار دائرة مغلقة، وذلك بتبني مقاربات غير محسوبة العواقب، معتقدين أن توفير عدد من المناصب سيحل الإشكالات العويصة للقطاع.
ذلك أن إصلاح التعليم لا يقتصر في إحداث مناصب الشغل فقط. فبدون تكوين وتحسين لظروف عمل الطبقة الشغيلة في قطاع التعليم لا يمكن الرفع من جودة تعليمنا وتطويره.
وهنا تجدر الإشارة إلى مفارقة كبيرة تتعلق بطبيعة مناصب الشغل المحدثة في هذا المجال، فعدد المناصب الحقيقية التي تم إحداثها لم تتجاوز 700 منصب شغل. أما الباقي أي 20.000 فقد تم في إطار التعاقد، مما يثير تساؤلات حول مدى تكوين هؤلاء المتعاقدين، خصوصا إدا علمنا أن عددهم في تزايد مطرد وأن عددا من المراكز التربوية الجهوية للتكوين وأطرها ظلت غير مشتغلة لفترات طويلة، وكان بالإمكان استغلالها لدورات تكوينية ولو قصيرة للأساتذة المتعاقد معهم. والغريب كذلك أن هناك عددا كبيرا من الأساتذة حملة الدكتوراه في التعليم الابتدائي والثانوي يقدر بحوالي 7.000 أستاذ يطالبون بالالتحاق بالتعليم العالي لسد الخصاص المقدر بحوالي 9.000 أستاذ. لكنه لم تتم تلبية طلباتهم لأسباب غير واضحة.
وإذا تناولنا أوضاع التعليم الخصوصي الذي لم يحقق لحد الآن الأهداف المنتظرة منه ومن أهمها تغطية نسبة 20% من التمدرس، وتغليبه للطابع التجاري وحرصه على الاستفادة من الإعفاء الجبائي بشكل دائم وبدون مبرر غالبا، فسيتضح مدى التخبط الذي تسير فيه منظومتنا التربوية.
هذا فقط بالنسبة لقطاع واحد ومهم من القطاعات الاجتماعية. أما إذا رجعنا إلى قطاع آخر لا يقل أهمية منه وهو قطاع الصحة، فسيتضح كذلك أن المشكل ليس دائما ماديا يعالج برفع الاعتمادات المادية. فبالله عليكم كيف يمكن أن نتصور المفارقة بين التكلفة التي يتطلبها تكوين طبيب واحد منذ الابتدائي إلى تخرجه من كلية الطب ولو بدون منحة وفي الأخير يرفض العمل في القطاع العام ويحرص على فتح عيادة خاصة له للحصول على دخل أعلى دون أن يبالي بمعاناة المواطنين الذين يعانون في البوادي والمناطق النائية. لقد حاولت الحكومة السابقة إيجاد حل لهذا المشكل ولم توفق إلا نسبيا وكانت الغلبة في الأخير للمطالب النقابية للأطباء.
الاقتراحات المفصلية لحزذب الاستقلال
إن حزب الاستقلال وعيا منه بواجبه الوطني في المساهمة بمد الحكومة بغض النظر عن تموقعه بالأفكار والمقترحات الكفيلة بمعالجة الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية على ضوء التوجيهات الملكية ليغتنم هذه الفرصة ليثير انتباه الحكومة إلى بعض المقترحات المفصلية التي من شأنها إعادة الثقة إلى دواليب الاقتصاد الوطني وخلق جو من الطمأنينة داخل المجتمع المدني وهي :
الإسراع بإقامة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي للنقاش وتتبع وضعية الشباب وإعادة النظر في برامج التكوين المهني وتخصيصه بالأولوية بالاعتمادات الضرورية حسب حاجيات اللاستثمارات على صعيد كل جهة.
تعزيز الاعتمادات والتحفيزات المخصصة للبحث العلمي عن طريق الشراكة بين الجامعات ومراكز البحث العلمي والمقاولات للانتقال بالنسيج القابل لاستيعاب فرص الشغل كالقطاع الصناعي والفلاحي وقطاع الصيد البحري إلى قطاعات ذات قيمة مضافة قادرة على المنافسة والرفع من قيمة الصادرات وفي هذا المجال يجب الاستفادة من خبرات الجالية المغربية في الخارج ؛
فتح ورش تشريعي للقانون رقم 15-97 المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية في اتجاه البحث عن نجاعة إجراءات التحصيل حسب نوعية الديون العمومية لتفادي تراكم الباقي استخلاصه وإقامة توازن في إجراءات التحصيل بين حقوق الخزينة وحقوق الملزمين بمختلف الضرائب والرسوم ؛
وفي الأخير، فإنه لا يسعنا إلا أن نعبر في هذه العجالة عن انشغالنا العميق عن كيفية معالجة الحكومة لمعضلة الدين العمومي المتفاقم سواء منه الداخلي أو الخارجي وعدم تحديد إستراتيجية للعمل على البحث عن مصادر التمويل الميسرة لدى الدول الصديقة والمؤسسات المانحة وعن تأرجح القرار المتعلق بتحرير الصرف وإقامة مرصد مستقل للمالية العمومية يتمتع بالاستقلالية والشفافية عن جميع المؤسسات المتدخلة في القرارات النقدية والمالية والذي من شأنه منح الثقة للمؤسسات الأجنبية والمستثمرين الأجانب على وجه الخصوص.
باسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
لقد كنا ننتظر من مشروع قانون المالية الذي نناقشه اليوم، أن يقطع مع توجهات ومنطلقات قوانين المالية السابقة، وأن يؤسس لمرحلة تنموية جديدة تضع على الأقل معالم النموذج التنموي الجديد، وذلك طبقا للتوجيهات الملكية المتضمنة في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية، حيث أكد جلالته “أن النموذج التنموي الوطني أصبح اليوم، غير قادر على الاستجابة للمطالب الملحة، والحاجيات المتزايدة للمواطنين، وغير قادر على الحد من الفوارق بين الفئات ومن التفاوتات المجالية، وعلى تحقيق العدالة الاجتماعية……إننا نتطلع لبلورة رؤية مندمجة لهذا النموذج، كفيلة بإعطائه نفسا جديدا، وتجاوز العراقيل التي تعيق تطوره، ومعالجة نقط الضعف والاختلالات، التي أبانت عنها التجربة”.
المشروع ينطلق من فرضيات غير واقعية
إن من بين التوجهات العامة لمشروع قانون مالية 2018 نجد ترسيخ الجهوية المتقدمة. وهنا ينبغي الإشارة إلى أن التنزيل الحقيقي لن يتم الا بالبدء بنقل الاختصاصات إلى الجهات، ومصاحبتها بنقل الاعتمادات المرصودة في إطار الميزانية العامة الى الجهات، وليس فقط برفع حصة الجهات من الضريبة على الشركات وعلى الدخل من 3 الى 4 في المائة. فالقانون المتعلق بالجهوية المتقدمة يتأسس على ضرورة توسيع اختصاصات الجهات.
حضرات السيدات والسادة، إن هذا المشروع ينطلق من فرضيات غير واقعية نناقشها كما يلي:
تحسن الذي عرفه نمو الاقتصاد الوطني من %1,2 سنة 2016 إلى %4 سنة 2017 (بفضل سنة فلاحية جيدة) ، غير أن هذا التحسن يتوقع تراجعه إلى %2,9 سنة 2018 (حسب المندوبية السامية للتخطيط)، بينما مشروع قانون المالية لسنة 2018 يفترض تحقيق 3,2 في المائة.
انتعاش طفيف لوتيرة نمو الأنشطة غير الفلاحية، لتنتقل من%2,2 سنة 2016 إلى %2,5 سنة 2017 ثم إلى %2,9 سنة 2018 (حسب المندوبية السامية للتخطيط) ، بينما مشروع قانون المالية لسنة 2018 يفترض تحقيق 3,6 في المائة.
تراجع عجز الميزانية، منتقلا من%4 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2016 إلى %3,8 سنة 2017 ثم إلى%3,5 سنة 2018(حسب المندوبية السامية للتخطيط) (ويتوقع مشروع قانون المالية إلى حصره في حدود 3 في المائة)
مواصلة ارتفاع دين الخزينة: على الرغم من أن الحكومة تعلن قدرتها على التحكم في مديونة الخزينة واتخاذها التدابير الضرورية من أجل تقليص نسبة دين الخزينة من الناتج الداخلي الإجمالي، نسجل أن دين الخزينة، سواء الداخلي أو الخارجي، يواصل ارتفاعه. وبالتالي نسجل ما يلي:
ارتفاع دين الخزينة من 430,9 مليار درهم سنة 2011 الى 673,2 مليار درهم مع متم الست أشهر الأولى من سنة 2017، بارتفاع يقدر ب 56,2 في المائة ما بين 2011 و2017
نسبة ارتفاع دين الخزينة تفوق نسبة ارتفاع الناتج الإجمالي الداخلي، وبالتالي يصعب التأكيد أن نسبة دين الخزينة من الناتج الإجمالي الداخلي في طريقها للتقليص ، علما أن هذه النسبة ترتفع من سنة إلى أخرى (58,2% في سنة 2012؛ 61,7% في سنة 2013؛ 63,4% في سنة 2014؛ 63,7% في سنة 2015؛ 64,7% في سنة 2016).
من المرتقب أن تصل نسبة دين الخزينة 65,3 في المائة مع متم 2017، وذلك بالاعتماد على تطور الناتج الداخلي الإجمالي.
تفاقم عجز الميزان التجاري في حدود%18,8 من الناتج الداخلي الإجمالي سنتي 2017 و2018 عوض%18,2 سنة 2016.
بناء على تطور السكان النشيطين وتراجع عدد مناصب الشغل الصافية، سيعرف معدل البطالة ارتفاعا لينتقل من %9,6 سنة 2016 إلى %10,7 سنة 2017، ومن المتوقع أن يصل إلى %10,2 سنة 2018. ارتفاع مستمر ومتزايد لعدد العاطلين ليصل إلى مايناهز مليون و200 ألف عاطل عن العمل .
ارتفاع نفقات المعدات
في الوقت الذي ننادي فيه بالتحكم في عجز الميزانية العامة عبر التقليص من نفقات التسيير، خاصة نفقات المعدات والنفقات المختلفة، نجد أن هذه النفقات ارتفعت بحوالي 6 مليار درهم ما بين 2017 و2018 (لتنتقل من حوالي 35,5 مليار إلى 41,5 مليار درهم)، في الوقت الذي كان فيه متوسط ارتفاع نفقات المعدات والنفقات المختلفة لا يتجاوز 2 مليار درهم. وهنا لابد أن نسجل أن نسبة نفقات المعدات والنفقات المختلفة من الناتج الداخلي الإجمالي ارتفعت من 3,3 في المائة إلى 3,7 في المائة، في حين أن هذه النسبة كانت قد انخفضت من 3,4 سنة 2016 إلى 3,3 سنة 2017. على الحكومة السعي الجدي إلى التقليص من هذه النفقات .
ومن جهة أخرى فإن الارتفاعات التي يتم التحدث عنها في القطاعات الاجتماعية همت فقط ميزانيات التسيير نتيجة ارتفاع الأجور من جراء الارتفاع العادي والتوظيف بالتعاقد وميزانيات التسيير، بينما ميزانيات الاستثمار التي من شأنها تحسين الولوج للصحة والتعليم على الخصوص لم تعرف زيادات مهمة :
ميزانية الاستثمار لوزارة الصحة انتقلت من 2,4 مليار درهم سنة 2017 الى 2,5مليار درهم (أي بزيادة فقط 100 مليون درهم)، في حين أن ميزانية التسيير ارتفعت بأزيد من 400 مليون درهم (من 11,9 مليار درهم الى 12,3 مليار درهم)
كيف يمكن ان نرفع من عدد المستفيدين من نظام المساعدة الطبية راميد إلى أكثر من 11 مليون مستفيد، دون الرفع من الاعتمادات المخصصة لدلك؟ ميزانية الاستثمار لوزارة التعليم ارتفعت من 4,8 مليار درهم إلى 5,8 مليار درهم (+ 1 مليار درهم)، في حين ارتفعت ميزانية التسيير من 49,5 إلى حوالي 53,5 مليار درهم (+ 4 مليار درهم) وذلك راجع بالأساس إلى ارتفاع عدد الاساذة المتعاقدين (20000 استاذ متعاقد)
غياب تقييم حقيقي للنفقات الجبائية من أجل معرفة وقعها على النمو وعلى دعم المقاولة بالخصوص، حيث يلاحظ الرجوع الى وثيرة ارتفاعها، حيث ارتفعت بأزيد من 1,7 مليار ما بين 2015 و2017، حيث ناهزت حوالي 34 مليار درهم.
وهنا لا بد من أن نسجل أن قطاع البناء مازال يستفيد من إعفاءات ضخمة تقدر ب 8,5 مليار درهم (أزيد من 25 في المائة من مجموع الاعفاءات) في حين أن قطاع الصناعات الغذائية يستفيد فقط من 2,3 مليار درهم (أي بنسبة تناهز 7 في المائة) وقطاع السيارات يستقيد فقط من من حوالي 548 مليون درهم (بنسبة 1,6 في المائة). السياحة لا تستقيد الا من 166 مليون درهم أي بنسبة ضعيفة تقدر ب 0,5 في المائة). في إطار التوجه نحو وضع نموذج تنموي جديد كما دعا الى ذلك جلالة الملك، يتعين اعادة النظر بشكل شامل في منظومة النفقات الجبائية من أجل جعلها تساير النموذج التنموي الذي تطمح إليه بلادنا
تخصيص الملك الخاص للدولة للاستثمارات بما لا يتماشى مع التوجهات العامة لقوانين المالية:
استفادة قطاع البناء والسكن من 34 في المائة من مجموع المساحات المخصصة في سنة 2016، بينما تخصيص فقط 5,6 في المائة للقطاع الصناعي و0,64 في المائة للصحة.
على مستوى التوزيع الجغرافي، نسجل كذلك أن هذا التوزيع غير منصف ولا يساهم في تحقيق تنمية متوازنة بين جهات المملكة.
غياب معطيات حول تنفيذ استثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية
حري بنا أن نتساءل اليوم عن مدى تنفيذ استثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية بالنسبة للسنوات السابقة، حيث أن الأرقام المعلنة ضخمة. وما مدى وقعها على النمو وعلى إحداث فرص الشغل، حيث بلغت الاستثمارات العمومية ما يناهز 195 مليار درهم في 2018 مقابل 190 مليار درهم في 2017 و 189 مليار درهم في 2016. نطلب من الحكومة ان تمدنا بحجم الاسثمارات المنجزة على أرض الواقع وكذا انعكاسها على مستوى النمو والتشغيل، لكي نتمكن من تقييم حقيقي للاعتمادات التي تخصص سنويا للاسثتمار سواء المتعلق بالميزانية العامة او المؤسسات والمقاولات العمومية. المبالغ المعلن عنها سنويا لاتتعدى كونها توقعات.
عدم انسجام التدابير الجبائية المقترحة مع التوجهات العامة المعلنة للمشروع
لا يسعنا إلا أن نهنئ إدارة الضرائب لانخراطها في تبسيط مدونة الضرائب وتجويد نصوصها وتقديمها وتبويبها بما يضفي على مدونة الضرائب المزيد من الوضوح والشفافية وتمكن المواطنين من التعرف بسلاسة على التزاماتها الضريبية. كما نهنئ ادارة الضرائب على سعيها لتنفيذ مجموعة من التدابير دأب الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية على اقتراح تعديلات بخصوصها كتطبيق مبدأ التصاعد فيما يتعلق بالضريبة على الشركات
على الرغم من تطبيق مبدأ التصاعد فيما يتعلق بالضريبة على الشركات، إلا أن المعدلات المقترحة لا تراعي القدرات التمويلية للمقاولات المتوسطة. يتعين إعادة النظر في:
المعدلات الضريبية بتخفيض المعدل الأقصى
إحداث معدل رابع بأشطر تراعي المقاولات المتوسطة
مراجعة الأشطر وتوسيعها
غالبية التدابير الجبائية المقترحة تهدف الى تبسيط وتوضيح وملاءمة المساطر الجبائية. وفي هذا الاطار، نحث ادارة الضرائب على تعميم اجبارية الاقرار الالكتروني والأداء الالكتروني للضرائب والرسوم
يتعين وضع تدابير جبائية وميزانياتية لوقف نزيف افلاس المقاولات (7216 مقاولة أعلنت افلاسها في سنة 2016 بزيادة تفوق 21,2 في المائة عن سنة 2015, أزيد من 15 ألف مقاولة أعلنت افلاسها منذ 2016). افلاس المقاولات أصبح يهدد الاقتصاد الوطني، على الحكومة أن تتخذ اجراءات مستعجلة لتفادي ازمة اقتصادية وشيكة مثل:
الاحترام الصارم لآجالات الأداء، مع تطبيق غرامات تراعي مدة التأخير التي تصل الى 10 أشهر في بعض الأحيان
تسريع أداء متأخرات الضريبة على القيمة المضافة التي تعد مشكل حقيقي بالنسبة للمقاولة.
الاقتصاد الوطني يمر بظرفية انتقالية دقيقة
إننا في حزب الاستقلال لا يسعنا في هذه الظرفية الانتقالية والدقيقة التي يمر منها الاقتصاد الوطني والاختلالات الاجتماعية المتراكمة، إلا أن نكون إيجابيين مع كل المبادرات التي يمكن للحكومة أن تسنها في مشروع قانون للمالية والتي من شأنها أن تحرك عجلة النمو وتوفر فرص الشغل وتصحح الاختلالات الاجتماعية وذلك بغض النظر عن موقعنا في المعارضة أو في موقع المساندة النقدية والبناءة للحكومة، لكن شريطة التحلي بالشجاعة السياسية لخلق قطيعة مع العقلية التدبيرية الاحترازية والتخطيط الفوقي الذي أبان عن محدوديته وعدم نجاعته، مع التوجه إلى بلورة سياسة تتجه نحو لا مركزية حقيقية تكون فيها شراكات مع الجماعات الترابية وعلى رأسها الجهات ، والعمل على تنزيل ميثاق وطني لعدم التمركز الإداري يكون قادرا على اتخاذ القرار المحلي ومؤطر للعمل الجهوي اللامركزي .
إن التوجه الحقيقي لخلق دينامية جديدة لن يكتمل في نظرنا إلا بخلق هيأة للحكامة الجيدة تتكفل بتتبع تنفيذ البرامج والمشاريع لدى السيد رئيس الحكومة وتعتمد نظرة أفقية تركز على التنسيق والالتقائية بين البرامج التنموية وتعمل على تقييم شامل للبرامج التنموية والمخططات القطاعية كمخطط المغرب الأخضر ومخطط ألييتوس والمخطط السياحي للمغرب الأزرق ومخطط التنمية الصناعية مع الانكباب إلى جانب ذلك على تقييم شامل للتدابير الجبائية التحفيزية (33 مليار درهم) التي تستفيد منها مختلف القطاعات عن طريق الإعفاءات الكلية أو الجزئية الدائمة أو المؤقتة والتخفيضات والأسعار المخفضة لمعرفة مدى نجاعة تلك التدابير وضرورة التخلي عنها كليا أو جزئيا لعدم تحقيق الأهداف الاقتصادية أو الاجتماعية المتوخاة من وراء منها.
وبهذه المناسبة لا يفوتنا أن نسجل الموقف المتأرجح للحكومة في اتخاذ قرار إحداث هيأة دائمة للحكامة وتتبع تنفيذ البرامج والمشاريع تكون تحت سلطة السيد رئيس الحكومة، واتجاه الحكومة إلى المجلس الأعلى للحسابات أو إلى المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة لوزارة الداخلية. في حين أن هاتين الأخيرتين تعتبران جهازين تابعين لوزارتين يمكن أن تكونا بدورهما محل افتحاص لمراقبة نجاعة الحكامة في المشاريع التي تسهران أو تشاركان في تنفيذها. لذا، يكون من النجاعة البحث عن إسناد دور مراقبة الحكامة الجيدة إلى جهاز مستقل تابع لرئيس الحكومة دون غيره.
اختلالات صارخة في توزيع خيرات وثمار النمو
إذا كانت كل المؤشرات المتعلقة بالنمو الاقتصادي للمغرب تبعث حسب الحكومة، على الارتياح والتفاؤل، فإن توزيع خيراته وثمار نموه يعاني من اختلالات صارخة. فالتقرير الذي أعد بأمر ملكي من طرف كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وبنك المغرب ليجيب عن تساؤلات المغاربة أين هي ثروة المغرب؟ توصل إلى أن الثروة الموجودة بالمغرب تقدر بما يناهز 13.000 مليار درهم، أي 1.300 مليار أورو، 70% من هذه الثروة غير مادي؛ وأن هذه الثروة تضاعفت مرتين في عهد الملك محمد السادس نصره الله خلال الفترة الممتدة من 1999 إلى 2013. لكن توزيع ثمارها يعاني من غياب العدالة والإنصاف. فهناك نسبة 10% من أغنياء المغرب يستهلكون 33% من ثروته. ويعني ذلك أن حصيلة النمو لا تصل إلى كل المغاربة.
إن هذه الاختلالات الاجتماعية لن تساعد على إرساء سياسة تنموية متوازنة. والقراءة التقنوقراطية للوضع الاقتصادي في البلاد ستظل ناقصة، إذا لم تواكبها مقاربة سياسية وسسيولوجية وثقافية للمشاكل.
إخفاقات المنظومة التعليمية
فقطاع التعليم كمثال حي، يعتبر مفتاح صعود كثير من الاقتصاديات في آسيا مثل كوريا وسنغافورة وماليزيا وتركيا. ويمكن أن يكون كذلك في بلادنا محفزا لمضاعفة الرأسمال اللامادي الذي سيرتفع حسب بعض المختصين بنسبة 80%. لكنه يعاني من التأخر والشلل وبالتالي ضعف مردوديته ومساهمته في تنمية البلاد.
فمجرد نظرة شكلية بسيطة لا تنفذ إلى عمق أمراضه المتمثلة في مناهجه وطرق تدبيره ومقارباته البيداغوجية، تظهر لكل ملاحظ الكثير من هذه المشاكل. ولعل أهمها يكمن في تدبير الزمن المدرسي، ومن تجلياته الهدر والاكتظاظ وضعف التأطير. وإليكم بعض الأرقام المعبرة عن هذا الواقع البئيس :
المكررون في أسلاك التعليم : 413.000 في السنة ؛
نسبة التخرج في الإجازة : 3,42% (3 سنوات) ؛
نسبة التخرج بعد 5 سنوات : 6,7% ؛
نسبة الطلبة الذين يحصلون على إجازة خلال ست سنوات : 3,9% ؛
والانقطاع عن الدراسة يرتفع كلما تقدم التلميذ في المستوى كما يلي :
%1,2 في الابتدائي بالنسبة للسنة الدراسية 2016 – 2017
2,10% في الإعدادي والثانوي عن السنة الدراسية 2016 – 2017
ويهم الأمر إجمالا 400 ألف تلميذ سنويا.
نسبة الاكتظاظ : 8،8% في الابتدائي بمعدل 40 تلميذ في القسم ؛
26% في الإعدادي، أي 45 تلميذ في القسم كمعدل ؛
23% في الثانوي، أي ما يناهز 44 تلميذ في القسم كمعدل.
وفي بعض الكليات ككليات الحقوق 260 طالب لكل مائة مقعد.
التأطير: 189 طالب لكل أستاذ في كليات الحقوق و85 طالب لكل أستاذ في كليات الآداب و31 طالب لكل أستاذ في كليات العلوم.
وفي هذا الصدد، نذكر باستنتاجات آخر تقرير صادر عن المنتدى الدولي الاقتصادي (WEF) حول الأعمال والذي صنف المغرب في مجال التعليم والتكوين سنة 2017 في المرتبة 110 فيما يخص تنافسية القطاع و120 فيما يخص جودة التعليم.
إن هذا الوضع غير السوي يسائلنا جميعا. ونتمنى أن تثمر الجهود التي تبذلها الحكومة الحالية وجهود كل المسؤولين التربويين في إصلاحه. فبرامج الوزارة المشرفة على قطاع التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي أكدت على تقليص نسبة الاكتظاظ في هذه السنة إلى 30 تلميذ في السنة الأولى ابتدائي وإلى 36 تلميذ في باقي السنوات، وإلى 44 تلميذ بالنسبة للطورين الإعداد والثانوي.
تفاقم اختلالات وأعطاب القطاع الصحي
يعتبر قطاع الصحة قطاعا حيويا في جميع الدول. فبدون صحة لن يكون هناك عقل سليم ولن يكون هناك مواطن منتج ومطمئن ذهنيا. غير أن هذا القطاع بدوره يعاني منذ عقود من الاختلالات والأعطاب.
فالتقرير الذي أعدته النقابة المستقلة لأطباء القطاع العام قدم صورة قاتمة عن وضع المستشفيات العمومية. فهناك خصاص مهول في الأطر الطبية وشبه الطبية والموارد البشرية. وبشكل عام، هناك خصاص في التجهيزات الضرورية للعمل والوسائل البيوطبية. كما أن هناك نقصا كبيرا في المواد البشرية والأطباء على الخصوص في مختلف الجهات وخصاص كبير في التخصصات.
وهنا يمكن أن نقدم بعض الأمثلة. ففي العالم القروي نجد العديد من الجماعات الترابية تعرف فائضا في الموارد البشرية، وغير بعيد عن مقر هذه الجماعات نجد مستوصفات فارغة من أي ممرض ومدارس بدون معلمين.
كما أن بعض الاحصائيات كشفت أن 75 % من المستشفيات غير صالحة للقيام بالمهام التي أنشئت من أجلها. فهي عبارة عن جدران متسخة لا تصلح حتى لإيواء القطط. وهذه المرافق لا تحترم المعايير المعتمدة من طرف منظمة الصحة العالمية. حتى الأموال التي ترصد لتأهيلها هي مجرد تبذير وهدر للمال العام. لذا، صنفت في أسفل الترتيب على المستوى العالمي.
فلا نستغرب إذا لنسبة الوفيات في صفوف الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة والذين يلجؤون كرها لهذه المرافق وكذا في صفوف النساء الحوامل والأطفال الرضع. ولا نستغرب كذلك لعودة أمراض الفقر في بلادنا كالسل والجذام واللشمانيا.
إن هذا الوضع يمس بحق المواطنين في ولوج الخدمات الصحية ويمس كذلك بحقوقهم الإنسانية والدستورية في المساواة والمواطنة.
والغريب في كل هذا، أن هذا الوضع ليس قدرا محتوما. فبقليل من الإرادة والعزيمة يمكن تغييره إلى ما هو أفضل. فلو كانت هناك إرادة وتصميم على المستوى الوطني والجهوي لتم إعادة تكوين الفائض من الموظفين وتعيينهم في مثل هذه المرافق التي تعاني من الخصاص المذكور.
جوهر المشاكل التي تتخبط فيها القطاعات الاجتماعية
إن الإمكانيات المالية والموارد البشرية التي رصدتها الحكومة في الميزانية العامة لسنة 2018 إذا كانت مهمة بالنسبة للبعض نظرا لحجمها، والنسبة التي خصصت منها للقطاعات الاجتماعة أي ما يناهز 50% من الميزانية. فقطاع التعليم رصد له 59 مليار درهم، أي بزيادة 5 مليارات درهم مقارنة مع 2017 و20 ألف منصب مالي في إطار التعاقد، إضافة إلى 35 ألف منصب محدث برسم سنة 2017 أي ما مجموعه 55 ألف منصب شغل في ظرف سنتين)، فالسؤال الذي يظل مطروحا : هل معالجة مشاكل التعليم يكمن في توفير الموارد المالية والبشرية فقط ؟ أم أن جوهر اختلالات القطاع يكمن في التخطيط وإعداد البرامج البيداغوجية الملائمة في إطار سياسية تعليمية محكمة تستشرف الآفاق المستقبلية ؟
ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن إصلاح المنظومة التربوية بشكل جذري، وبعدما قمنا بتجارب عديدة وأعددنا برامج طوال عقود، كان آخرها البرنامج الاستعجالي للتربية والتكوين والذي رصدت له مبالغ ضخمة (54 مليار درهم من 2009 إلى 2015)، دون أن يحقق الأهداف المرسومة له، ها نحن نعيد الكرة وفي إطار دائرة مغلقة، وذلك بتبني مقاربات غير محسوبة العواقب، معتقدين أن توفير عدد من المناصب سيحل الإشكالات العويصة للقطاع.
ذلك أن إصلاح التعليم لا يقتصر في إحداث مناصب الشغل فقط. فبدون تكوين وتحسين لظروف عمل الطبقة الشغيلة في قطاع التعليم لا يمكن الرفع من جودة تعليمنا وتطويره.
وهنا تجدر الإشارة إلى مفارقة كبيرة تتعلق بطبيعة مناصب الشغل المحدثة في هذا المجال، فعدد المناصب الحقيقية التي تم إحداثها لم تتجاوز 700 منصب شغل. أما الباقي أي 20.000 فقد تم في إطار التعاقد، مما يثير تساؤلات حول مدى تكوين هؤلاء المتعاقدين، خصوصا إدا علمنا أن عددهم في تزايد مطرد وأن عددا من المراكز التربوية الجهوية للتكوين وأطرها ظلت غير مشتغلة لفترات طويلة، وكان بالإمكان استغلالها لدورات تكوينية ولو قصيرة للأساتذة المتعاقد معهم. والغريب كذلك أن هناك عددا كبيرا من الأساتذة حملة الدكتوراه في التعليم الابتدائي والثانوي يقدر بحوالي 7.000 أستاذ يطالبون بالالتحاق بالتعليم العالي لسد الخصاص المقدر بحوالي 9.000 أستاذ. لكنه لم تتم تلبية طلباتهم لأسباب غير واضحة.
وإذا تناولنا أوضاع التعليم الخصوصي الذي لم يحقق لحد الآن الأهداف المنتظرة منه ومن أهمها تغطية نسبة 20% من التمدرس، وتغليبه للطابع التجاري وحرصه على الاستفادة من الإعفاء الجبائي بشكل دائم وبدون مبرر غالبا، فسيتضح مدى التخبط الذي تسير فيه منظومتنا التربوية.
هذا فقط بالنسبة لقطاع واحد ومهم من القطاعات الاجتماعية. أما إذا رجعنا إلى قطاع آخر لا يقل أهمية منه وهو قطاع الصحة، فسيتضح كذلك أن المشكل ليس دائما ماديا يعالج برفع الاعتمادات المادية. فبالله عليكم كيف يمكن أن نتصور المفارقة بين التكلفة التي يتطلبها تكوين طبيب واحد منذ الابتدائي إلى تخرجه من كلية الطب ولو بدون منحة وفي الأخير يرفض العمل في القطاع العام ويحرص على فتح عيادة خاصة له للحصول على دخل أعلى دون أن يبالي بمعاناة المواطنين الذين يعانون في البوادي والمناطق النائية. لقد حاولت الحكومة السابقة إيجاد حل لهذا المشكل ولم توفق إلا نسبيا وكانت الغلبة في الأخير للمطالب النقابية للأطباء.
الاقتراحات المفصلية لحزذب الاستقلال
إن حزب الاستقلال وعيا منه بواجبه الوطني في المساهمة بمد الحكومة بغض النظر عن تموقعه بالأفكار والمقترحات الكفيلة بمعالجة الاختلالات الاقتصادية والاجتماعية على ضوء التوجيهات الملكية ليغتنم هذه الفرصة ليثير انتباه الحكومة إلى بعض المقترحات المفصلية التي من شأنها إعادة الثقة إلى دواليب الاقتصاد الوطني وخلق جو من الطمأنينة داخل المجتمع المدني وهي :
الإسراع بإقامة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي للنقاش وتتبع وضعية الشباب وإعادة النظر في برامج التكوين المهني وتخصيصه بالأولوية بالاعتمادات الضرورية حسب حاجيات اللاستثمارات على صعيد كل جهة.
تعزيز الاعتمادات والتحفيزات المخصصة للبحث العلمي عن طريق الشراكة بين الجامعات ومراكز البحث العلمي والمقاولات للانتقال بالنسيج القابل لاستيعاب فرص الشغل كالقطاع الصناعي والفلاحي وقطاع الصيد البحري إلى قطاعات ذات قيمة مضافة قادرة على المنافسة والرفع من قيمة الصادرات وفي هذا المجال يجب الاستفادة من خبرات الجالية المغربية في الخارج ؛
فتح ورش تشريعي للقانون رقم 15-97 المتعلق بمدونة تحصيل الديون العمومية في اتجاه البحث عن نجاعة إجراءات التحصيل حسب نوعية الديون العمومية لتفادي تراكم الباقي استخلاصه وإقامة توازن في إجراءات التحصيل بين حقوق الخزينة وحقوق الملزمين بمختلف الضرائب والرسوم ؛
وفي الأخير، فإنه لا يسعنا إلا أن نعبر في هذه العجالة عن انشغالنا العميق عن كيفية معالجة الحكومة لمعضلة الدين العمومي المتفاقم سواء منه الداخلي أو الخارجي وعدم تحديد إستراتيجية للعمل على البحث عن مصادر التمويل الميسرة لدى الدول الصديقة والمؤسسات المانحة وعن تأرجح القرار المتعلق بتحرير الصرف وإقامة مرصد مستقل للمالية العمومية يتمتع بالاستقلالية والشفافية عن جميع المؤسسات المتدخلة في القرارات النقدية والمالية والذي من شأنه منح الثقة للمؤسسات الأجنبية والمستثمرين الأجانب على وجه الخصوص.