حصل الأخ عمر عباسي عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، يوم الاثنين 4 يوليوز الجاري ،على لقب دكتور في القانون العام بعد مناقشة أطروحة الدكتوراه تحت اشراف الدكتور امحمد الداسر في موضوع "ملاءمة التشريع المغربي للاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد (2011 -2021).
وكانت اللجنة تتكون من الأساتذة عبد الحافظ ادمينو رئيسا والأستاذ امحمد الداسر عضوا، والأستاذ جواد النوحي عضوا، والأستاذ عبد العزيز العروسي عضوا، والأستاذ أحمد مفيد عضوا والأستاذ أحمد العمومري عضوا.
وبعد المداولة قررت اللجنة قبول الأطروحة ومنح السيد عمر عباسي لقب دكتور في الحقوق بميزة مشرف جدا مع توصية بنشر وطبع العمل.
وعلى مدى أزيد من اربع ساعات من النقاش جرت اطوار مناقشة هذه الاطروحة ، حيث قدم المرشح عمر عباسي التقرير الخاص بمناقشة الاطروحة، كما قدم أعضاء اللجنة جملة من الملاحظات والمقترحات والتحاليل ذات الارتباط بالشكل والمضمون، وبأبعاد الإشكالية التي تمت مقاربتها على امتداد 500 صفحة، وزوايا معالجة الموضوع.
وارتباطا بتقرير المناقشة، أكد الأستاذ عمر عباسي أن ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية جاء بسبب الانفتاح السياسي و الاقتصادي و الحقوقي الذي عرفه المغربي منذ مطلع تسعينات القرن الماضي ، وهو الامر الذي كان له انعكاس مباشر و عميق على النظام القانوني المغربي، و أكد الباحث في تقريره أن هناك مجالات استأثرت بموضوع الملاءمة مثل مجال حقوق الانسان من خلال أطروحة الأستاذ عبد العزيز العروصي "ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان"، أو المجال المالي والاقتصادي كمثال أطروحة الأستاذ جواد النوحي "الاستثمارات الخارجية بالمغرب 1996-2006، مقاربة سياسية"، مشيرا بعد ذلك الى أن ما يؤكد تزايد ارتباط المغرب بالخارج على المستوى القانوني هو تطور عدد الاتفاقيات الدولية الصادرة بالجريدة الرسمية والبالغة إلى الآن 1810 اتفاقيات، وبالتالي فان ارتباط المغرب بالخارج سيما على المستوى الاقتصادي جعله ليس فقط مطالبا بملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها بل والتفاعل مع توصيات ومعايير المنظمات الدولية، خصوصا مجموعة العمل المالي الدولي و البنك الدولي و صندوق النقد الدولي وكذا منظمة التنمية و التعاون الاقتصادي ، هذا فضلا على أن " التقارب التشريعي" مع الاتحاد الأوروبي الذي جاء ضمن المحاور الأساس للوضع المتقدم، و في هذا الاطار أشار الباحث الى ان متطلبات التقارب التشريعي مع الاتحاد الاوروبي وكذا مع مجلس اروبا فرضت على المغرب الانخراط في العديد من اتفاقيات مجلس اروبا ، حيث بلغت عدد اتفاقيات مجلس اروبا المنشورة في الجريدة الرسمية تسعة.
وبعد ذلك تناول المتحدث أسباب اختيار الموضوع والمتفرعة الى موضوعية وذاتية، وحصر الفترة بين 2011 و2021 معتبرا ان سنة 2011 كانت مفصلية من حيث صدور خطابات مكافحة الفساد في البلدان العربية ومن بينها المغرب، وصدور الدستور المغربي الذي نص على السمو المشروط للاتفاقيات الدولية، وعل العديد من المبادئ والمعايير ذات الصلة بمكافحة الفساد، مما يضفي على موضوع الاطروحة أهمية نظرية تمليها الرغبة في المساهمة في إغناء البحث الاكاديمي، وأهمية عملية قصد تقديم تحليل يمكن ان يكون مفيدا للفاعلين في مسطرة ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد.
وبخصوص المفاهيم فقد أبرز أن مفهوم الفساد إشكالي حيث هناك فرقا أساس ما بين مفهوم الفساد والتصنيفات التي تُسبغ على بعض أفعال الفساد مثل الفساد المالي والفساد الإداري والفساد السياسي، وبذاتها لم تقدم الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد تعريفا مباشرا للمعضلة، وتوجهها الى تحديد أفعال تندرج في خانة الفساد، فضلا عن توجه عالمي نحو توسيع مفهوم الفساد وليس تضييقه، على منوال منظمة الشفافية الدولية والبنك الدولي ومفاده " إساءة استعمال السلطة المخولة لتحقيق منافع خاصة".
وعرج بعد ذلك على تناول مفهوم الفساد بالمغرب سواء من خلال الدستور المتبني لمفهوم واسع كذلك سيما في الفصل 36، او التشريع الجنائي خاصة الجرائم المالية أو قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة من خلال ما تضمنته المادة 4: " يقصد بالفساد في مفهوم هذا القانون إحدى جرائم الرشوة او استغلال النفوذ او الاختلاس او الغدر...".
ومضى بعد ذلك في تحديد مفهوم الملاءمة ومفهوم التشريع ومفهوم الاتفاقيات الدولية ليعرج على الإشكالية المركزية للبحث والاسئلة المرتبطة بها، والتفصيل في المنهج والمقاربات، كالمنهج المؤسساتي والمنهج المقارن، والمقاربة القانونية ومقاربة تحليل المضمون، أما بخصوص ابرز الاستنتاجات التي عرضها الباحث فتتمثل في ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد إشكالية مركبة غير مرتبطة بالهوية الدينية والثقافية للبلاد، ولكنها مرتبطة ببعض أحكام الدستور ومبادئ النظام القانوني الوطني، وإكراهات السياق السياسي وهشاشة الاقتصاد الوطني؛
مسار الملاءمة ما بين 2011-2021 كان بطيئا وضعيفا ، واجهته صعوبات البيئة السياسية اللاتوافقية؛
طغيان منطق التدرج لدى القطاعات الوزارية المعنية بشكل مباشر بوضع مشاريع القوانين؛
طول مسطرة تشريع الملاءمة؛
أهمية المرحلة ما قبل البرلمانية في صياغة القوانين وطولها وكثرة المتدخلين فيها والمفاوضات التي تتم بينهم خلالها؛
تراجع إرادة المشرع الوطني أمام إكراهات القواعد القانونية الدولية؛
أحاط القاضي الدستوري الفصل 55 بعناية خاصة بمناسبة فحصه للنظام الداخلي لمجلس النواب وبعض القوانين التنظيمية وأصر على إلزام المشرع بالتقيد الدقيق بالعبارات الواردة فيه؛
قصور السياسة الجنائية المتعلقة بمكافحة الفساد، والذي يعود على عدم استيعاب القانون الجنائي للعديد من الأفعال التي تنص عليها الاتفاقية الدولية؛
أهمية الدور النقدي الذي ظل يلعبه المجتمع المدني طيلة هذا المسار خصوصا الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة - ترانسبارنسي المغرب، التي أصدرت العديد من الآراء والمذكرات والبيانات التي تنتقد جميع مشاريع القوانين ذات الصلة؛
هناك تفاوت في الملاءمة من مجال إلى آخر، لأنها تبدو أكثر تقدما في جريمة غسل الأموال بسبب نظام اللوائح والذي تعده مجموعة العمل المالي الدولي وتداعياته السياسية والاقتصادية الوخيمة؛
بخصوص جريمة غسل الأموال نحن أمام الإدماج والمطابقة المعيارية أكثر من الملاءمة؛
المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد واجهت إكراهات التفعيل :
• الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الفساد ومكافحته؛
• مجلس المنافسة.
دور البرلمان في مسار ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية يواجه إكراهات بنيوية:
- ضعف النقاش البرلماني حول الاتفاقيات الدولية؛
- عدم التجاوب مع مقترحات القوانين؛
- ضعف تملك بعض المشرعين لخصوصية تشريع الملاءمة.
- ضعف فعالية التقييم الذي يتم إجراءه في إطار مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بسبب انعدام نظام الجزاءات.
يظهر من التجربة المغربية أن الأهم ليس مدى الملاءمة مع المعايير الدولية ولكن إشكالية تفعيل دور تلك المؤسسات :
رغم أن قانون الهيئة الوطنية الصادر سنة 2021 مقارنة بذلك الصادر سنة 2014 كان أكثر ملاءمة مع المعايير الدولية إلا أن الهيئة ما زالت وإلى اليوم عاجزة عن الاضطلاع بأدوارها الدستورية بسبب عدم تعيين الأعضاء.
في حالة قانون مجلس المنافسة حصل العكس، إن أول محاولة أساس لكي يضطلع مجلس المنافسة بأدواره في ضبط السوق ومنع الاحتكار انطلاقا من المعايير الدولية، أخفقت والنتيجة كانت إعفاء الرئيس وتعديل القانون.
وختم بالتطرق الى آفاق البحث مؤكدا أنه موضوع الملاءمة مسار متواصل لان المعايير الدولية تتغير باستمرار، واعتبارا لأن العديد من القوانين الوطنية تعرف مراجعة على غرار القانون الجنائي وقانون مجلس المنافسة، كما أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها ما زالت لم تستكمل وجودها القانوني بسبب تعيين الأعضاء، كما أن المرحلة الراهنة تتميز بتنزيل مقتضيات قانون مكافحة غسل الأموال الذي عرف مراجعة عميقة سنة 2021.
من جانبهم، قدم أعضاء اللجنة جملة من الملاحظات والآراء الوازنة معتبرين بداية أن الأطروحة تتضمن عناصر قوة وتشكل إضافة نوعية في المسار البحثي لكل مهتم بهذا المجال.
كما سجلوا في تدخلاتهم ان اختيار موضوع كهذا ليس بسهل، بل هو شائك يتطلب جرأة من عدة جوانب، بحيث تكمن الصعوبة في زاوية الحصول على المعلومات، وتخطي عدة عقبات لإنجاز أطروحة متكاملة الأركان مفاهيميا ومنهجيا.
واعتبروا كذلك أن الموضوع المتناول تحت مجهر البحث والتمحيص والتحليل مهم جدا وراهني طرح إشكالات متعددة تتمثل في مكافحة الفساد أو بالتحديد ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد، حيث أن البحث لا يتوخى الوقوف على الاتفاقية الدولية لـ2003، بل غاص في مسارات من 2010 الى 2021 ليمثل إضافة نوعية، وبذلك فقد توصل الباحث عمر عباسي الى جملة من الخلاصات، وأنتج عملا تضمن تقاطعات لحقول معرفية متعددة تشمل جانب القانون الدستوري، والقانون الإداري، وعلم السياسة، وجانب التدبير العمومي، وجانب علم الاجتماع.
كما اعتمد تقسيما ثنائيا احترم المعايير المتعارف عليها في الجامعات المغربية، فضلا على أن العمل معزز بلائحة مراجع جد غنية تتضمن كتبا وأطروحات ورسائل وتقارير ومقالات.
ولم يفت الأساتذة إبراز ما وصفوه بتوظيف مادة حية تتمثل في محاضر اللجن داخل مجلسي البرلمان، وبهذا الاختيار تصبح المحاضر مادة يُعتمد عليها في أبحاث علمية، ويعزز العلاقة بين البحث العلمي والعمل البرلماني.
وارتباطا بمحاربة الفساد نبهوا إلى أن الصفقات العمومية تعد أحد المجالات التي كان من المهم أن يشملها عمل الباحث، ولذلك تركز المنظمة العالمية للتجارة مثلا كثيرا على تحرير نظام الصفقات العمومية، واليوم هذه المطالب توجت بمرسوم للارتقاء بمستوى النزاهة والشفافية، لكن مبدأ الأفضلية الوطنية في تقديرهم يطرح تعارضا بين مطلب تحرير نظام الصفقات ومنح الأفضلية الوطنية لمقاولات معينة في الصفقات، وهذا الجانب يتطلب ملاءمة كذلك.
نقاش اللجنة انصب كذلك على رهان الملاءمة كونه يحظى بأهمية، لأنه يطرح أسئلة كبرى: "ماذا على الدولة التي التزمت باتفاقية موضوع المصادقة أن تعمله تشريعيا وقضائيا واداريا؟ ثم تحديد سياق كيف إخراج هذه الاتفاقية من جانب أممي إلى جانب سياسي وحقوقي وقانوني وإداري؟ فالملاءمة إذن من هذه الزاوية ليست تشريعية أو قانونية فحسب بل هي ملاءمة مؤسساتية، وملاءمة قبلية أو موازية أو بعدية استشرافية، تستهدف تبني صناعة تشريعية ببعد دولي، وهذا ما يمنح الأطروحة مكانتها الأكاديمية بحيث تعطي للباحثين مسالك بحث جديدة.
الجدير بالذكر أن مناقشة هذه الأطروحة عرفت حضورا وازنا لجمهرة من الباحثين والأكاديميين وأعضاء من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وأعضاء وعضوات من منظماته الموازية، بالإضافة إلى الطلبة والطلبة الباحثين في مجال القانون.
وكانت اللجنة تتكون من الأساتذة عبد الحافظ ادمينو رئيسا والأستاذ امحمد الداسر عضوا، والأستاذ جواد النوحي عضوا، والأستاذ عبد العزيز العروسي عضوا، والأستاذ أحمد مفيد عضوا والأستاذ أحمد العمومري عضوا.
وبعد المداولة قررت اللجنة قبول الأطروحة ومنح السيد عمر عباسي لقب دكتور في الحقوق بميزة مشرف جدا مع توصية بنشر وطبع العمل.
وعلى مدى أزيد من اربع ساعات من النقاش جرت اطوار مناقشة هذه الاطروحة ، حيث قدم المرشح عمر عباسي التقرير الخاص بمناقشة الاطروحة، كما قدم أعضاء اللجنة جملة من الملاحظات والمقترحات والتحاليل ذات الارتباط بالشكل والمضمون، وبأبعاد الإشكالية التي تمت مقاربتها على امتداد 500 صفحة، وزوايا معالجة الموضوع.
وارتباطا بتقرير المناقشة، أكد الأستاذ عمر عباسي أن ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية جاء بسبب الانفتاح السياسي و الاقتصادي و الحقوقي الذي عرفه المغربي منذ مطلع تسعينات القرن الماضي ، وهو الامر الذي كان له انعكاس مباشر و عميق على النظام القانوني المغربي، و أكد الباحث في تقريره أن هناك مجالات استأثرت بموضوع الملاءمة مثل مجال حقوق الانسان من خلال أطروحة الأستاذ عبد العزيز العروصي "ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الانسان"، أو المجال المالي والاقتصادي كمثال أطروحة الأستاذ جواد النوحي "الاستثمارات الخارجية بالمغرب 1996-2006، مقاربة سياسية"، مشيرا بعد ذلك الى أن ما يؤكد تزايد ارتباط المغرب بالخارج على المستوى القانوني هو تطور عدد الاتفاقيات الدولية الصادرة بالجريدة الرسمية والبالغة إلى الآن 1810 اتفاقيات، وبالتالي فان ارتباط المغرب بالخارج سيما على المستوى الاقتصادي جعله ليس فقط مطالبا بملاءمة القوانين الوطنية مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها بل والتفاعل مع توصيات ومعايير المنظمات الدولية، خصوصا مجموعة العمل المالي الدولي و البنك الدولي و صندوق النقد الدولي وكذا منظمة التنمية و التعاون الاقتصادي ، هذا فضلا على أن " التقارب التشريعي" مع الاتحاد الأوروبي الذي جاء ضمن المحاور الأساس للوضع المتقدم، و في هذا الاطار أشار الباحث الى ان متطلبات التقارب التشريعي مع الاتحاد الاوروبي وكذا مع مجلس اروبا فرضت على المغرب الانخراط في العديد من اتفاقيات مجلس اروبا ، حيث بلغت عدد اتفاقيات مجلس اروبا المنشورة في الجريدة الرسمية تسعة.
وبعد ذلك تناول المتحدث أسباب اختيار الموضوع والمتفرعة الى موضوعية وذاتية، وحصر الفترة بين 2011 و2021 معتبرا ان سنة 2011 كانت مفصلية من حيث صدور خطابات مكافحة الفساد في البلدان العربية ومن بينها المغرب، وصدور الدستور المغربي الذي نص على السمو المشروط للاتفاقيات الدولية، وعل العديد من المبادئ والمعايير ذات الصلة بمكافحة الفساد، مما يضفي على موضوع الاطروحة أهمية نظرية تمليها الرغبة في المساهمة في إغناء البحث الاكاديمي، وأهمية عملية قصد تقديم تحليل يمكن ان يكون مفيدا للفاعلين في مسطرة ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد.
وبخصوص المفاهيم فقد أبرز أن مفهوم الفساد إشكالي حيث هناك فرقا أساس ما بين مفهوم الفساد والتصنيفات التي تُسبغ على بعض أفعال الفساد مثل الفساد المالي والفساد الإداري والفساد السياسي، وبذاتها لم تقدم الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد تعريفا مباشرا للمعضلة، وتوجهها الى تحديد أفعال تندرج في خانة الفساد، فضلا عن توجه عالمي نحو توسيع مفهوم الفساد وليس تضييقه، على منوال منظمة الشفافية الدولية والبنك الدولي ومفاده " إساءة استعمال السلطة المخولة لتحقيق منافع خاصة".
وعرج بعد ذلك على تناول مفهوم الفساد بالمغرب سواء من خلال الدستور المتبني لمفهوم واسع كذلك سيما في الفصل 36، او التشريع الجنائي خاصة الجرائم المالية أو قانون الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة من خلال ما تضمنته المادة 4: " يقصد بالفساد في مفهوم هذا القانون إحدى جرائم الرشوة او استغلال النفوذ او الاختلاس او الغدر...".
ومضى بعد ذلك في تحديد مفهوم الملاءمة ومفهوم التشريع ومفهوم الاتفاقيات الدولية ليعرج على الإشكالية المركزية للبحث والاسئلة المرتبطة بها، والتفصيل في المنهج والمقاربات، كالمنهج المؤسساتي والمنهج المقارن، والمقاربة القانونية ومقاربة تحليل المضمون، أما بخصوص ابرز الاستنتاجات التي عرضها الباحث فتتمثل في ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد إشكالية مركبة غير مرتبطة بالهوية الدينية والثقافية للبلاد، ولكنها مرتبطة ببعض أحكام الدستور ومبادئ النظام القانوني الوطني، وإكراهات السياق السياسي وهشاشة الاقتصاد الوطني؛
مسار الملاءمة ما بين 2011-2021 كان بطيئا وضعيفا ، واجهته صعوبات البيئة السياسية اللاتوافقية؛
طغيان منطق التدرج لدى القطاعات الوزارية المعنية بشكل مباشر بوضع مشاريع القوانين؛
طول مسطرة تشريع الملاءمة؛
أهمية المرحلة ما قبل البرلمانية في صياغة القوانين وطولها وكثرة المتدخلين فيها والمفاوضات التي تتم بينهم خلالها؛
تراجع إرادة المشرع الوطني أمام إكراهات القواعد القانونية الدولية؛
أحاط القاضي الدستوري الفصل 55 بعناية خاصة بمناسبة فحصه للنظام الداخلي لمجلس النواب وبعض القوانين التنظيمية وأصر على إلزام المشرع بالتقيد الدقيق بالعبارات الواردة فيه؛
قصور السياسة الجنائية المتعلقة بمكافحة الفساد، والذي يعود على عدم استيعاب القانون الجنائي للعديد من الأفعال التي تنص عليها الاتفاقية الدولية؛
أهمية الدور النقدي الذي ظل يلعبه المجتمع المدني طيلة هذا المسار خصوصا الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة - ترانسبارنسي المغرب، التي أصدرت العديد من الآراء والمذكرات والبيانات التي تنتقد جميع مشاريع القوانين ذات الصلة؛
هناك تفاوت في الملاءمة من مجال إلى آخر، لأنها تبدو أكثر تقدما في جريمة غسل الأموال بسبب نظام اللوائح والذي تعده مجموعة العمل المالي الدولي وتداعياته السياسية والاقتصادية الوخيمة؛
بخصوص جريمة غسل الأموال نحن أمام الإدماج والمطابقة المعيارية أكثر من الملاءمة؛
المؤسسات المعنية بمكافحة الفساد واجهت إكراهات التفعيل :
• الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الفساد ومكافحته؛
• مجلس المنافسة.
دور البرلمان في مسار ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية يواجه إكراهات بنيوية:
- ضعف النقاش البرلماني حول الاتفاقيات الدولية؛
- عدم التجاوب مع مقترحات القوانين؛
- ضعف تملك بعض المشرعين لخصوصية تشريع الملاءمة.
- ضعف فعالية التقييم الذي يتم إجراءه في إطار مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بسبب انعدام نظام الجزاءات.
يظهر من التجربة المغربية أن الأهم ليس مدى الملاءمة مع المعايير الدولية ولكن إشكالية تفعيل دور تلك المؤسسات :
رغم أن قانون الهيئة الوطنية الصادر سنة 2021 مقارنة بذلك الصادر سنة 2014 كان أكثر ملاءمة مع المعايير الدولية إلا أن الهيئة ما زالت وإلى اليوم عاجزة عن الاضطلاع بأدوارها الدستورية بسبب عدم تعيين الأعضاء.
في حالة قانون مجلس المنافسة حصل العكس، إن أول محاولة أساس لكي يضطلع مجلس المنافسة بأدواره في ضبط السوق ومنع الاحتكار انطلاقا من المعايير الدولية، أخفقت والنتيجة كانت إعفاء الرئيس وتعديل القانون.
وختم بالتطرق الى آفاق البحث مؤكدا أنه موضوع الملاءمة مسار متواصل لان المعايير الدولية تتغير باستمرار، واعتبارا لأن العديد من القوانين الوطنية تعرف مراجعة على غرار القانون الجنائي وقانون مجلس المنافسة، كما أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومكافحتها ما زالت لم تستكمل وجودها القانوني بسبب تعيين الأعضاء، كما أن المرحلة الراهنة تتميز بتنزيل مقتضيات قانون مكافحة غسل الأموال الذي عرف مراجعة عميقة سنة 2021.
من جانبهم، قدم أعضاء اللجنة جملة من الملاحظات والآراء الوازنة معتبرين بداية أن الأطروحة تتضمن عناصر قوة وتشكل إضافة نوعية في المسار البحثي لكل مهتم بهذا المجال.
كما سجلوا في تدخلاتهم ان اختيار موضوع كهذا ليس بسهل، بل هو شائك يتطلب جرأة من عدة جوانب، بحيث تكمن الصعوبة في زاوية الحصول على المعلومات، وتخطي عدة عقبات لإنجاز أطروحة متكاملة الأركان مفاهيميا ومنهجيا.
واعتبروا كذلك أن الموضوع المتناول تحت مجهر البحث والتمحيص والتحليل مهم جدا وراهني طرح إشكالات متعددة تتمثل في مكافحة الفساد أو بالتحديد ملاءمة التشريع المغربي مع الاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد، حيث أن البحث لا يتوخى الوقوف على الاتفاقية الدولية لـ2003، بل غاص في مسارات من 2010 الى 2021 ليمثل إضافة نوعية، وبذلك فقد توصل الباحث عمر عباسي الى جملة من الخلاصات، وأنتج عملا تضمن تقاطعات لحقول معرفية متعددة تشمل جانب القانون الدستوري، والقانون الإداري، وعلم السياسة، وجانب التدبير العمومي، وجانب علم الاجتماع.
كما اعتمد تقسيما ثنائيا احترم المعايير المتعارف عليها في الجامعات المغربية، فضلا على أن العمل معزز بلائحة مراجع جد غنية تتضمن كتبا وأطروحات ورسائل وتقارير ومقالات.
ولم يفت الأساتذة إبراز ما وصفوه بتوظيف مادة حية تتمثل في محاضر اللجن داخل مجلسي البرلمان، وبهذا الاختيار تصبح المحاضر مادة يُعتمد عليها في أبحاث علمية، ويعزز العلاقة بين البحث العلمي والعمل البرلماني.
وارتباطا بمحاربة الفساد نبهوا إلى أن الصفقات العمومية تعد أحد المجالات التي كان من المهم أن يشملها عمل الباحث، ولذلك تركز المنظمة العالمية للتجارة مثلا كثيرا على تحرير نظام الصفقات العمومية، واليوم هذه المطالب توجت بمرسوم للارتقاء بمستوى النزاهة والشفافية، لكن مبدأ الأفضلية الوطنية في تقديرهم يطرح تعارضا بين مطلب تحرير نظام الصفقات ومنح الأفضلية الوطنية لمقاولات معينة في الصفقات، وهذا الجانب يتطلب ملاءمة كذلك.
نقاش اللجنة انصب كذلك على رهان الملاءمة كونه يحظى بأهمية، لأنه يطرح أسئلة كبرى: "ماذا على الدولة التي التزمت باتفاقية موضوع المصادقة أن تعمله تشريعيا وقضائيا واداريا؟ ثم تحديد سياق كيف إخراج هذه الاتفاقية من جانب أممي إلى جانب سياسي وحقوقي وقانوني وإداري؟ فالملاءمة إذن من هذه الزاوية ليست تشريعية أو قانونية فحسب بل هي ملاءمة مؤسساتية، وملاءمة قبلية أو موازية أو بعدية استشرافية، تستهدف تبني صناعة تشريعية ببعد دولي، وهذا ما يمنح الأطروحة مكانتها الأكاديمية بحيث تعطي للباحثين مسالك بحث جديدة.
الجدير بالذكر أن مناقشة هذه الأطروحة عرفت حضورا وازنا لجمهرة من الباحثين والأكاديميين وأعضاء من اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وأعضاء وعضوات من منظماته الموازية، بالإضافة إلى الطلبة والطلبة الباحثين في مجال القانون.