الاخ أحمد التومي : المقاولات والمؤسسات العمومية مدعوة الى الانخراط في البورصة للمساهمة في خلق الثورة

الخميس 1 نونبر 2018

في إطار الاجتماعات التي تعقدها لجنة المالية  بمجلس النواب المخصصة لمناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2018، عقدت اللجنة عدة اجتماعات  وقد  تميزت أشغالها بالنقاش الهام والمساهمة المتميزة للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية وفي هذا الصدد تقدم الاخ أحمد التومي بتدخل جاء فيه:
   
نعتبر أن هذه الميزانية؛ التي جاءت كما قيل بنفس اجتماعي واضح؛ تحمل الكثير من الامور التي لم تنجز بعد، فنحن نعتبر انها لا زالت فقط ميزانية انتقالية  وقد كان بودنا ان تأتي بامور جديدة خاصة وانها تأتي في ظل مناداة جلالة الملك بنموذج تنموي جديد، وان تعكس مدونة الاستثمار التي لا زلنا في انتظارها، وان تحمل شيئا من ما يتعلق بحوار اجتماعي جاد وهادف ومتكامل.

كما يتبين لنا ان هذه الميزانية انطلقت من: التوازنات الماكرو اقتصادية المعروفة (التضخم والمديونية وسعر النفط والغاز وكذلك كتلة الاجور)، وهنا اظن ان اطر وزارة الاقتصاد والمالية قد عملوا ما في وسعهم ليقدموا لنا هذه الميزانية في ظل هذه الاكراهات وهو عمل ياخذ بالجانب المالي فقط في حين لم يتم التركيز على الجانب الاقتصادي حيث ينقص الكثير في هذا الجانب، فالاقتصاد علم ومدارس وتوجهات عديدة وليس قاصرا على مدرسة واحدة، فتم التركيز على التوازنات الماكرو اقتصادية ثم بناء الميزانية وهذا مايجعلها سياسة نقدية صرفة.

 والحاصل ان نسبة النمو في بلادنا لا زالت حبيسة ما بين 1% و 3.5% منذ خروجنا من مرحلة التقويم الهيكلي، في حين أنه يلزمنا لنصبح دولة صاعدة أن نحقق نسبة نمو تساو او تفوق 6%، ولا زالت البطالة في بلادنا تفوق بكثير 9% أي ان كل واحد من 2 من المغاربة لا يشتغل، وكانت الحكومة خططت مرارا ان تخفض نسبة البطالة إلى حدود 6% او 5% وإختفى هذا الطموح ولم نعد نتحدث عن هذا الهدف، اما بالنسبة للصحة والتعليم فقد أبدى فريقنا موقفه فيها، ولا زلنا ننتظر ان تأخذ بلادنا بالمؤشرات المتضمنة في خطة التنمية للأمم المتحدة وهي مؤشرات تتطلب اعتمادات مالية

نسبة تحقيق هذه المؤشرات لم تلبي طموحاتنا كدولة صاعدة تسعى إلى إقرار العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة والعدالة المجالية، وذلك بسبب اننا لازلنا نعتمد المؤشرات الماكرو اقتصادية التي كانت ولا تزال جزء من النموذج التنموي الحالي الذي ثبت أنه بلغ منتهاه، فنحن لازلنا  نحافظ على نسبة التضخم في حدود 1.7% في حين ان الدول الصاعدة تسمح بان يصل التضخم إلى 6% و 7% لأن كل نقطة في التدخل تساوي العديد من مناصب الشغل، وبالتالي فبإمكاننا ان نسمح بتضخم متحكم فيه بدل ان نضيق على انفسنا، فالتضخم الضعيف لا يخدم الاقتصاد بعكس نسبة اكبر متحكم فيها والذي يؤثر بشكل كبير على زيادة تراكم راس المال ويشجع على الاستثمار في المشاريع المربحة، فسعر الفائدة يتراوح بين 5 و 6 و 7% وهو سعر لا يدعم المغامرة الاستثمارية، كما اننا لا زلنا نحافظ على نسبة عجز تبلغ 3.5% وهي نسبة موروثة عن معاهدة ماستريخت، في حين ان دولا اوروبية لم تعد تلتزم بهذه النسبة وذلك خدمة لاقتصادياتها.

وبخصوص الدين العمومي، فانا شخصيا، ارى أنه ليس مشكلة في حد ذاته طالما اننا نراقب به راس المال الثابت، واننا نحقق به بنية تحتية مهمة (موانئ، مطارات وطرق سيارة) وهو ما يتطلب مديونية مهمة ولكن كيف نستغلها بشكل يحقق النمو المطلوب بلادنا، فلا يجب ان نبني مطارا يستقبل عدد قليل من الطائرات او ميناء لا يستقبل الا بواخر قليلة، فالمهم في هذه المنشئات هو كيف نستغلها، كما ان هذا يطرح امامنا سؤالا حول كيف نستثمر اموالنا العمومية او اموال القروض علما ان استثمار 1 مليار درهم يتطلب بالضرورة مواكبته بحوالي 50 مليونا مخصصة للصيانة.

 ونرى انه حان الوقت  لكي نغير سياستنا الاقتصادية ونضع سياسة اقتصادية جديدة، فمنذ سنوات ونحن نقيد أنفسنا في سياستنا النقدية الحالية، وهو مطلب لا يعني اننا في ازمة، ولكي نخلق مناصب للشغل لابد من السماح بعجز اكبر من الحالي كما قامت بذلك بريطانيا وفرنسا، ولم لا نتبع المنهج الكينزي القائم على رفع الاستهلاك والانتاج من خلال السماح بنسبة تضخم اكثر من 3%، خاصة وان المؤسسات الدولية المالية ومؤسسات التصنيف تشجعنا على ذلك ولدينا برنامج الامم المتحدة  للتنمية في أفق 2015 - 2030.

 وبخصوص الإجراءات الجديدة التي جاء بها هذا القانون الماليفسنشير إلى المؤسسات العمومية والتي تعد ورشا كبيرا لابد من فتحه، بدون ان نبقي على التصنيف التقليدي لها (تجارية، صناعية، خدماتية) بل يجب توحيدها خاصة اننا نعرف انها تستثمر ما يفوق 30 مليارا ولكن مردوديتها لا تتجاوز 10 ملايير، ويجب ايضا إعادة هيكلتها وضمان حكامتها، (كمثال oncf فقد صدر قانون تحويلها الى شركة سنة 2005 ولا زال مرسومه التطبيقي لم يخرج لحد الآن)، ويجب عليها ان تتحمل مسؤوليتها في مجال التشغيل لأنها لا تشغل حاليا العدد الكافي الذي يساهم في امتصاص البطالة.

 ونحن نتحدث عن نموذج تنموي جديد نرى انه من الواجب أن نخفض الضريبة على الشركات: فألمانيا تفرض 15% وتركيا 20% وإيرلندا 12%، ونحن لدينا ضريبة عالية للغاية، فلماذا لا نخفضها لتبلغ 17% مثلا من اجل ان نستقطب المزيد من الاستثمارات في الوقت الذي سنعاني فيه سنة او سنتين من تراجع عائداتنا الضريبية. كما ان على البورصة ان تدخل في تمويل الاقتصاد لكي تساهم في اعادة توزيع الثروة بين المغاربة، فلحد الآن لا تتعدى القيمة المدرجة فيها 15% في حين في مصر وجنوب افريقيا تبلغ القيمة 50%، ومثلا شركة بوينغ يبلغ مالكوا أسهمها حوالي 80 مليون مالك بسبب ادراجها في البورصة، ونرى أنه حان الوقت لكي يصبح الادراج في البورصة إلزاميا على المؤسسات والمقاولات العمومية.

 كما انه يجب علينا إعادة النظر في منظومة الشركات الكبرى والمتوسطة من خلال اعداد قانون إطار للشركات يتطرق للحوار الاجتماعي والاستثمار والجانب الضريبي اي ان تكون منظومة قانونية متكاملة، فلازالت بلادنا تعاني من ضعف الاستثمار الخاص الذي يمثل فقط ثلث الاستثمارات وتحتكر الدولة الثلثين عكس الحال في اوروبا التي يمثل فيها القطاع الخاص 90% والدولة 10% فقط.

وبخصوص التسنيد فإننا نلاحظ انه لا زال جامدا رغم المصادقة على قانون التسنيد لان الشركات لديها ارصدة ولكن لم يتم تثمينها بعد.
وفي شان تمليك الاراضي السلالية فنعتبره عملا جيدا وسيساهم في خلق مقاولات فلاحية جديدة ويخلق الثروة بالعالم القروي.
ونعتبر ان الرقمنة شئ مهم للغاية خاصة في مجالات الطب عن بعد والتعليم عن بعد، ولكنه ورش لن ينجح إلا من خلال تبسيط المساطر مما سيساهم في وجود فائض مهم من الموارد البشرية التي يمكن توجيهها إلى مجالات عمل اخرى.
 



في نفس الركن