تدبير ميزانياتي لا يواكب الخصاص الاجتماعي
سجل حزب الاستقلال في قراءته وتقييمه لمضامين مشروع القانون المالي لسنة 2019 ، غياب أي تغيير على مستوى الهندسة الميزانياتية للأولويات الاجتماعية والاقتصادية، لاسيما فيما يتعلق بأجرأة إصلاح التعليم وخاصة التعليم الأولي، وتطوير العرض الصحي، وحماية القدرة الشرائية، والرفع من الأجور، والدعم الجبائي للمقاولات المشروط بتشغيل الشباب، والتقليص من نمط عيش الإدارة...
كما سجل أن المشروع، ورغم التوجهات والأهداف والنوايا الطموحة التي تم الإعلان عنها في رسالته التأطيرية، ظل سجين التصور القطاعي «الأورتودوكسي» في إعداد الميزانية، الذي لا يتسع للتطوير والإبداع، ولا للإرادية السياسية التي ينبغي أن تتميز بها الحكومة الحالية وهي تواجه احتقان الشارع، وضعف الخدمات، وانحسار النمو في إنتاج الثروة والشغل القادرين على تحقيق الارتقاء الاجتماعي للشباب والمعوزين.
فلا يكفي في نظر الحزب أن نرفع من اعتمادات قطاعي التعليم والصحة مثلا لكي نزعم أننا بصدد قانون مالي اجتماعي؛ ذلك أنه إذا لم تندرج الميزانية في إطار رؤية استراتيجية، وحكامة ناجعة وفعالة، تقطع مع الاختلالات والسلبيات المسجلة، فإن تلك الاعتمادات الإضافية ستكون ضعيفة الجدوى، ولن تصل إلى أهدافها ها إلى المواطن كخدمات ُ وقعَقتها، ولن يصلَبَعلى غرار الاعتمادات المالية التي س ذات جودة يحتاجها في حياته اليومية.
ولاحظ الحزب، في تزامن مع عرض مشروع قانون المالية، أن من بين المفارقات المطروحة بهذا الخصوص، اختراق الهشاشة في قطاع الصحة العمومية بتوالي استقالات الأطباء بالعشرات في عدد من المدن، وهو الأمر الذي يفيد أن الزيادة لتطوير القطاع، لكن ذلك غير كاف، ٌفي الاعتمادات المالية والموارد البشرية أساسية ولن يحقق النتائج المرجوة لتحسين ظروف العمل، وتمكين المواطن من الولوج الفوري إلى التطبيب عند المرض، مع اعتماد النجاعة والنزاهة والشفافية في تدبير الاعتمادات المرصودة، ومكافأة الاستحقاق، ومراجعة الخريطة والعرض الصحيين حسب حاجيات العدالة المجالية، وتعزيز الثقة بين الطبيب والإدارة من جهة، وبين الطبيب والمواطن من جهة ثانية.
(من العرض السياسي للأمين العام للحزب بالدورة الثانية للمجلس الوطني أكتوبر 2018)
وفي هذا الإطار عبر الحزب عن شجبه لـ:
الاختيارات الاقتصادية والمالية للحكومة وتوجهاتها الليبرالية غير المتوازنة التي تحكمها هواجس الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية على حساب الجانب الاجتماعي؛
إضعاف سيادة القرار الاقتصادي أمام الارتفاع المهول للمديونية، حيث وصل الدين الخارجي إلى مستويات قياسية مما يرهق ميزانية الدولة، ويجعل القرار الاقتصادي لبلادنا رهينة تعليمات المؤسسات المالية الدولية.
كما نبه الحكومة إلى حالة انحصار الاقتصاد الوطني وعدم قدرته على خلق الثروة وتوفير فرص الشغل، حيث يتم تسجيل تراجع في تدفق الاستثمارات الأجنبية ببلادنا وتقلص الاستثمارات الوطنية، بفعل ضعف الثقة في مناخ الأعمال، وغياب الرؤية لدى الحكومة، واستمرار البيروقراطية والفساد، وغياب قواعد المنافسة الشريفة.
(من بيان المجلس الوطني دورة أكتوبر 2018)
واعتبر الحزب أن مشروع قانون المالية لسنة 2019 ليس إلا ميزانية لتكريس الأزمة، لارتكازه على سياسة تدبير عجز الميزانية في الوقت الذي كان من المفروض أن تحمل هذه الميزانية تدابير فعلية وجريئة لاسترجاع الثقة في الاقتصاد الوطني، وثقة المواطنين والمواطنات في المستقبل.
(كلمة الأمين العام خلال اللقاء الدراسي للفريق الاستقلالي بالبرلمان حول مشروع قانون مالية 2019)
وفي هذا الإطار، اعتبر الحزب أنه لا بد من أن يجسد قانون المالية إرادة الحكومة في الإصلاح، وأن يؤشر على الانعطاف الحقيقي نحو النموذج التنموي الجديد، وأن لا يستمر في إعادة إنتاج الاختيارات والتدابير التي تسببت في أزمة النموذج الحالي بتوجهه الليبرالي غير المتوازن، وباتساع الفوارق الاجتماعية والمجالية، وفي التوزيع الجهوي غير المنصف للاستثمار العمومي، وفي ضعف مردودية هذه الاستثمارات العمومية من حيث فرص الشغل والأثر التنموي عموما.
لذلك بادر الحزب إلى التخفيف من وطأة هذه الاختيارات الحكومية من خلال المساهمة بمبادرتين هامتين تتعلق الأولى بتنمية وإنعاش المناطق الحدودية وتتعلق الثانية بترميم وتعديل قانون المالية برسم سنة 2018 تولى فريقا الحزب بالبرلمان توجيههما إلى السيد رئيس الحكومة على التوالي يوم 03 أبريل 2018 ، و 28 ماي 2018 وذلك تجسيدا للالتزام الراسخ للحزب في السعي إلى الصالح
العام، والترافع البناء عن المطالب المشروعة للمواطنات والمواطنين: