بقلم الأخ عبد الجبار الراشيدي عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال
منذ أسبوع حمل صوته المجروح الآتي عبر سماعة الهاتف عبارات مثقلة بالتعب والمعاناة مع المرض الخبيث، بالرغم من محاولاته إخفاء الأمر، سألت عن أحواله ، وحمد الله وأثنى، وبدا لي راضيا بقضاء الله ، مستقبلا مشيئته. افترقنا وأنا ادعو له الله بخاطر منكسر وبكثير من التأثر بالشفاء والعافية.
لم يكن يخطر ببالي أنها آخر مكالمتي مع الأخ حسن الشرقاوي، وأن قدره المحتوم ينتظره في الموعد المقدر المكتوب.
عذرا أخي حسن، لن نودعك الوداع الأخير، ولن نلقي عليك نظرة في كفنك الأبيض المبلل بماء الزهر، لن نعانق بعضنا البعض ونتبادل عبارات المواساة والعزاء فيك.
عذرا أخي حسن لن نستطيع أن نخفف عن عائلتك قليل مما نزل، وأن نهون عليهم بعبارات الصبر والسلوان.
عذرا أخي حسن لن نستطيع أن نصلي عليك صلاة الجنازة، و أن نتهافت على حمل نعشك إلى مثواك الأخير.
عذرا أخي حسن لن نقف عند قبرك لدرفع دموع فراقك، ولنواريك الثرى وكلنا خشوع .
عذرا أخي حسن لن نقيم لك عزاء يليق بك، ولن يجتمع الناس لتلاوة القرآن ،
عذرا أخي حسن ، ماش الله قدر، وما أصابك لم يكن ليخطأك. لا أخفيك أخي حسن، أن كل هذا يضاعف من روعاتنا وأحزاننا، ويهزمنا مرتين، مرة على فراقك ومرة على غياب مراسيم دفنك وعزائك.
لكن لا عليك أخي حسن، محبتك تسكننا، وإن باعد الوباء بيننا وبينك، وإن غيبنا قصرا عن جنازتك، محبتك تبكينا بألم الفراق، محبة الناس والمناضلين تكفيك عن غيابنا، أخلاقك الرفيعة توطنك في نفوسنا، تواضعك يرفعك فينا.
لا عليك أخي حسن لن نزاحم الملائكة في طريقك نحو مثواك، لكننا سنرفع أيادينا ندعو لك الله بالرحمة والمغفرة، وسنرفع اصواتنا نشهد بدماثة أخلاقك، وبطيبوبتك، وبغيرتك ودفاعك عن الحق.
لا عليك أخي حسن، سنقرأ سورة يسن، ونهديها لروحك الطاهرة، وندعو الله لك بالثبات ، وباللحاق بنبينا عليه السلام.
سي حسن الشرقاوي مناضل أصيل بقي ثابتا على المبدأ حتى في أصعب الظروف، لم يغير جلده ولم يتنازل عن مبادئه، رجل حكيم يحسن الإصغاء للمناضلين، ولا يتوانى في مآزرتهم.
وعندما كان الحزب يمر بلحظات تدافع داخلي، كان ينأى بنفسه أن يكون طرفا فيه. رجل التوازنات وتقريب وجهات النظر، يدافع عن الحزب ومبادئه، مهووس بمستقبله. رجل منفتح يتساوى عنده المناضلون، يستقبل بمكتبه المتواضع والذي حافظ على نمطه القديم جميع المناضلين بوجه بشوش، يستمع للصغير والكبير.
عندما كنا نتضايق من أمر داخلي، يشاركننا ضيقنا ويهون من ضجرنا .
حسن الشرقاوي علامة استقلالية بامتياز، دبر شؤون الحزب الإدارية بكفاءة عالية، كان يعرف كيف يفرق بين مهامه التدبيرية، وقناعاته وآرائه الشخصية، يسهر على كل صغيرة وكبيرة، رجل جمع بين الحكمة والالتزام ، مناضل عضوي، قدر المسؤولية حق قدرها في جميع المسؤوليات التي تقلدها سواء الانتخابية أو الإدارية أو الحزبية، وأعطاها بعدا إنسانيا واستقلاليا قل نظيره .
لا أريد أخي حسن أن أسرد مسارك الإداري والنضالي والإنساني، ولكن أردت أن أرثيك بهذه الكلمات علها تخفف عنا شدة وألم ما نزل.
ستظل تحييا فينا ما حيينا ، على روحك الطاهرة السلام.
تغمدك الله برحمته الواسعة وأسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولائك رفيقا.