يعتبر العمل النقابي اﻹطار القانوني والمرجع اﻷساسي للترافع والدفاع على متطلبات وحقوق الطبقة الشغيلة داخل أي مجتمع، لتحقيق الديمقراطية التشاركية والتمثيلية المؤسساتية وترسيخ مقومات وظروف العمل في جو من الكرامة واحترام حقوق الطبقات العمالية ، ولتفعيل هذا الدور المجتمعي النبيل داخل المملكة المغربية تم تأسيس عدة نقابات عمالية وغيرها قاربت 20 نقابة على الصعيد الوطني منها نقابات تابعة ﻷحزاب وأخرى حرة ، وتهدف النقابات إلى رصد معاناة ومشاكل العمال وكذلك اﻷطر والموظفين وطرحها على الحكومة والجهات المسوؤلة، وفتح نقاش جدي ومسوؤل ﻹيجاد حلول متوافقة عليها تخدم مصالح الوطن والمواطن، ولمعرفة عمل هذه النقابات وطرق تعاملها مع مطالب الطبقة الشغيلة نستضيف الأستاذ محمد العبيد أمين مال عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين بالمغرب الدراع النقابي لحزب اﻹستقلال ، لكي يجيبنا على عدة تساؤلات متعلقة باﻹتحاد وكذلك معرفة صمود هذا التنظيم منذ اﻹستقلال إلى يومنا هذا في ما يلي نص الحوار الذي أجراه الصحفي عزالدين بلبلاج لفائدة مع الحدث :
س : أولا ، تفضل بتقديم نبذة عن اﻹتحاد العام للشغالين بالمغرب ؟
ج : تحية طيبة ، اﻹتحاد العام للشغالين بالمغرب تأسس يوم 20 مارس 1960 تعبيرا عن طموح الطبقة العمالية لتحقيق حياة أفضل، ولتجسيد مجموعة من الأمور التي تتجاوز النقابي الآني إلى ماهو أبعد، إلى العمل على إشراك العمال في اتخاد القرارات الهامة والمشاركة في الحياة السياسية ، ويعتبر ” ا.ع.ش.م” من بين الخمس نقابات اﻷكثر تمثيلية بالمغرب ، وتميز اﻹتحاد طوال مساره النضالي بالدفاع عن حقوق ومطالب الطبقة الشغيلة ومحاولة تحقيقها على أرض الواقع من خلال تقديم مقترحات وبرامج عمل وتصورات إصلاحية إلى الحكومة والمؤسسات الدستورية .
س : ماهي أبرز المحطات النضالية التي خاضها اﻹتحاد العام للشغالين بالمغرب ، وماذا حقق على أرض الواقع ؟
ج : أول محطة خاضها “ا.ع.ش.م” سنة 1960 بمقاضاة الحكومة المغربية لدى لجنة الحريات العامة بالمكتب الدولي للشغل ، وذلك لعدم اعتراف الحكومة المغربية بقانونية وجوده ” قانون الشغل كان آنذاك لا يسمح بالتعددية النقابية”، وصدر حكم سنة 1963 لصالح اﻹتحاد العام واﻹعتراف به “تغيير القانون واﻹعتراف بالتعددية النقابية”، ومنذ سنة 1960 إلى سنة 2017 عاش اﻹتحاد 11 مؤتمرا في إطار التداول الديمقراطي، كما شهدت سنة 2007 توقيع اتفاقيات بين اﻹتحاد العام للشغالين بالمغرب وعدة نقابات افريقية وأوروبية من لجيكا وفرنسا وغينيا والنيجر وبوركينا فاسو والدنمارك ومنظمتي العمل الدولية والعربية..، وقد ساهم ااتحاد العام للشغالين في تهيىء دستور 2011 ومساندته من خلال الفصلين 8 و 9 .
س : خاض اﻹتحاد العام للشغالين بالمغرب عدة إضرابات وطنية ماهي أبرزها ، وماهي أعلى نسبة في المشاركة ؟
ج : الاتحاد العام الشغالين بالمغرب عاش طوال مساره النضالي يخوض مجموعة من المعارك ويتخذ العديد من المبادرات لفرض مقترحاته للنهوض بوضعية الطبقة الشغيلة من خلال عدة إضرابات وطنية ، منها اﻹضراب الوطني العام يوم 14 دجنبر 1990 بتنسيق مع الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وجدد الاتحاد العام الدعوة للحوار اﻹجتماعي سنة 1996 الذي نتج عنه صدور أول تصريح مشترك لفاتح غشت من نفس السنة بين الحكومة واﻷطراف اﻷخرى ” العمال وأرباب العمل”، ونفذ اﻹتحاد العام للشغالين يوم 26 أبريل 2014 إضراب وطني ناجح في الوظيفة العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية رفقة الفيدرالية الديمقراطية للشغل، وشاركت اﻹتحاد العام يوم 24 فبراير 2016 في اﻹضراب الوطني إلى جانب المركزيات النقابية اﻷكثر تمثيلية وفاقت فيه نسبة المشاركة 84 في المئة .
س : كيف يرى اﻷستاذ لعبيد الحوار اﻹجتماعي بين الحكومة والنقابات ، وهل يوجد فعلا حوار حقيقي فعال ومثمر ، أم مجال لفرض سياسة التمويه ؟
ج : بصراحة وبكل صدق يمكن أن أصف الحوار اﻹجتماعي مع الحكومة بالهزيل ولا يرقى إلى انتظارات الطبقة الشغيلة، وهذا ما جعل المركزيات النقابية اﻷكثر تمثيلية ترفض العرض الذي تقدمت به الحكومة عشية فاتح ماي 2018 ، وبدأت احتقانات في صفوف الطبقة العمالية وعدة تكهنات حول مصير الحوار اﻹجتماعي لا سيما والظرفية الراهنة التي تتسم بتنامي ظاهرة اﻹحتجاجات، وعلى الرغم من أن الحكومة تؤكد رغبتها في إنجاح الحوار اﻹجتماعي للتوقيع على اﻹتفاق الثلاثي، ترى النقابات أن العرض الحكومي مخيب للآمال وتعسفي وتمييزي، ولاينصف الطبقة العاملة، بل ومن شأنه أن يؤدي إلى استمرار حالة البلوكاج في ظل غياب أرضية واضحة وحوار جاد .
س : ماهي بعض اﻹقتراحات التي قدمها اﻹتحاد العام للشغالين للنهوض بأوضاع الطبقة الشغيلة ؟
ج : طالب الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بعدة إجراءات جوهرية تتمحور في : – تحسين دخل المأجورين في القطاعين العام والخاص عبر الرفع من الحد الأدنى للأجور ومساواته بين كل اﻷجراء وضمان أجر يوازي الكلفة الحقيقية لمعيشة اﻷفراد واﻷسر، -رفع السقف المعفى من الضريبة، – تخفيف ثقل تكلفة التمدرس والتطبيب والتنقل وقروض السكن عن اﻷجراء، – حماية الطبقات المتوسطة من جملة اﻹجراءات الحكومية التي تستهدفها، – تعميم التغطية الصحية والاجتماعية على عموم اﻷجراء، – تقوية اﻷجهزة الرقابية وتفعيل المهام الجزرية في حق المشغلين المخالفين للتشريع والمتهربين من التصريح بالضمان اﻹجتماعي..، – تحسين النص المنظم لصندوق التعويض عن فقدان الشغل وربطه بالتكوين من أجل اﻹدماج .
س: اﻷستاذ محمد لعبيد في إطار كلمة ختامية ماهي الرسالة التي تريد توجيهها إلى الحكومة الحالية ولمختلف الطبقات العمالية بإعتبارك أمين مال اﻹتحاد العام للشغالين بالمغرب الذراع النقابي لحزب اﻹستقلال ؟
ج : إن اﻹتحاد العام للشغالين بالمغرب يواصل نضالاته ضد السياسة التفقيرية للحكومة على جميع الواجهات ، سواء على المستوى الميداني، أو من خلال المؤسسة التشريعية او التعبوية، أو من خلال عضويته بالمنظمات النقابية الدولية، التي تدعم نضالاتنا وتتبنى مواقفنا المعقولة، وبهذه المناسبة فلا يسعني إلا تجديد التأكيد على استمرار التنسيق ااستراتيجي بيننا ، والتأكيد على تبني خيار المعارضة البرلمانية، ونحن بذلك نقوي صوت الشغيلة المغربية في اختيار تحديد وتغيير التوجهات الكبرى للسياسة العمومية التي اكتوى بلهيبها عموم المواطنين، في السنوات اﻷخيرة ، وإننا داخل اﻹتحاد العام نتأسف لعدم قدرة الحكومة على جعل يوم فاتح ماي عيدا عماليا، فإننا نؤكد مجددا تمسكنا بفضيلة الحوار ونطالب الحكومة بتجويد عرضها واﻹستجابة ﻹنتظارات عموم اﻷجراء، كما لا تفوتني الفرصة لشكر ” جريدة مع الحدث ” لطرحها هذا الموضوع الخاص بالعمل النقابي .