تسجل الرابطة بقلق كبير أن الحكومة تفتقر إلى الرؤيا والجرأة في مواجهة أزمة مدمرة تؤثر على ملايين الأسر وعشرات الآلاف من المقاولات. فالقرارات التي اتخذتها الحكومة او أعلنت عنها لا تتماشى مع روح ونص توجيهات جلالة الملك. قانون المالية لعام 2021 هو الفرصة المتبقية للحكومة لاتخاذ تدابير لطمأنة المواطنين والفاعلين المغاربة والدوليين من خلال الإعلان عن الاليات، الكفيلة بتحقيق إنتعاش اقتصادي شامل.
تماشياً مع السياسة التي افرزها قانون المالية التعديلي لعام 2020، تعلن الرسالة المؤطرة لإعداد مشروع قانون المالية لعام 2021 عن تخفيضات غير مسبوقة في الميزانية, علما أن جلالة الملك سبق له ان حدد, خلال خطاب العرش الأخير، المحاور الرئيسية لخطة إنتعاش بميزانية 120 مليار درهم.
بعد الجفاف الشديد ووباء كوفيد 19، يواجه بلدنا أزمة اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة: تدهور في وضع الأسر وقدرتهم الشرائية, و تراجع الطلب الموجه إلى المغرب؛ ارتفاع سريع في معدلات البطالة، وإغلاق آلاف الشركات، ولا سيما المقاولات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، مما أدى الى انكماش اقتصادي يفوق6 بالمائة خلال السنة الجارية.
و العودة المعلنة للنمو (بحوالي 4٪) اعتبارًا من عام 2021، و ان كانت هدفا غير طموح، فانها تتطلب المزيد من العمل الاراداتي وحشد جميع الفاعلين من خلال إيضاح اكبر للرؤيا وخلق الظروف الموازية لتجديد الثقة التي أهدرتها الحكومة إلى حد كبير طيلة الأسابيع الأخيرة.
وفي الوقت الدي كنا ننتظر سياسة اقتصادية جريئة لمواجهة التقلبات الظرفية وتعبئة الوسائل التي يتطلبها مثل هذا الوضع تقتصر الحكومة على ضخ 20 مليار درهم فقط من الالتزامات المباشرة في الميزانية، وتحمل البنوك مسؤولية تمويل الاحتياجات العادية و الاستثنائية للشركات المتضررة من الأزمة الحالية، على شكل تمويلات مضمونة من قبل صندوق الضمان المركز ي.
لتسريع الانتعاش، وعودة النمو الاقتصاد، ينبغي ضخ حقيقي للجزء الأكبر من 120 مليارًا مباشرة من قبل الدولة ، إما لدعم رأسمال الشركات العمومية أو الخاصة ، المنتجة للقيمة المضافة وفرص الشغل، أو للمشاريع الاستراتيجية ذات الأولوية في مختلف مناطق المملكة. لذلك نحث الحكومة على تحديد المبالغ الحقيقية التي تلتزم بها الدولة بشكل مباشر في هذا الجهد، والإعلان عن مجالات توظيف هذه الموارد، وبرمجتها الزمنية وتوزيعها الترابي والقطاعي.
ولإعداد مشروع قانون المالية لعام 2021، تعلن الحكومة نيتها تخفيض الميزانية بعشرات الملايير درهم مقلصة بدلك إمكانيات القطاعات الوزارية من حيث التوظيف والاستثمار
في الوقت الذي يدعو فيه صندوق النقد الدولي إلى تكثيف الدعم للانتعاش ، ويقترح تمويلات جديدة وآليات سداد جد ميسرة، تتمسك الحكومة بمنطق لا يسمح بتجاوز الأزمة ولا بالمحافظة على التوازنات العامة، الشيء الدي من شأنه أن يؤدي بالحكومة إلى الاقتراض، في ظروف قد تزداد صعوبة، لمواجهة التدهور الاجتماعي والاقتصادي المحدق ببلادنا، والذي يمكن تجاوزه بتصرف استباقي وارادتي.
كيف إذن نضع اقتصاد بلدنا في دورة إيجابية، وكيف نحمي مقاولاتنا من الإفلاس ونحافظ على الشغل، ونعبئ الاستثمارات الوطنية والدولية، وكيف نغتنم الفرص التي تتيحها التقلبات الكبرى التي أحدثتها الأزمة ؟؟؟
في هدا السياق، تدعو رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين الحكومة إلى
ادراج التوصيات العشرة التالية ، في اعداد مشروع قانون المالية 2021
1-استعادة الثقة ووضع خطة انتعاش اقتصادي حقيقي بإمكانيات موجهة أساسا لدعم الاستثمار الإنتاجي المباشر ، وإنقاذ الشركات المتضررة ، والحفاظ على مناصب الشغل و إحداث فرص عمل جديدة خاصة للشباب ؛
2-رفع مستوى ميزانيات الاستثمار والتوظيف المنتج لكل من الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بما يمكنهم من تحسين الخدمات العمومية وإحياء الأنشطة ذات القيمة المضافة العالية وطنيا وجهويا. مع تفعيل حقيقي وواسع للأفضلية الوطنية
3-إعطاء الأولوية لتقوية النظم الصحية والتعليم و رقمنة الخدمات و لبرامج البحث ودعم مبادرات المقاولات الصغيرة المنتجة المشغلة للشباب المغربي؛
4-اعفاء (والعفو إذا اقتضى الحال) من كل الواجبات والرسوم لمساهمات الشركاء في زيادة رأسمال شركاتهم
5-منح مشتري الشركات المهددة بالإفلاس نفس المزايا التي تمنح للمستثمرين الجدد بما في ذلك اتفاقيات الاستثمار.
6- اعادة اطلاق برنامج انطلاقة وفتحه للحرفيين والفاعليين في القطاع غير المهيكل للدخول في إطار مهيكل ؛
7-برمجة دعم مالي للحرفيين يسمح لهم بتمويل دورة انشطتهم وإعادة إطلاق، ثم انتعاش أعمالهم.
8- اعداد برامج مكثفة لتحفيز المقاولات الصغيرة وتسريع تنفيذ الإصلاحات الجارية، يتعلق الامر خصوصا بإجراءات الميزانية والإجراءات المصاحبة التالية:
- تسريع مسطرة منح صفة مقاول داتي وجعلها اكثر نجاعة مع السماح لهم بتشغيل أجراء متدربين ؛
- تشجيع مشاركة المقاولات الصغيرة في الطلبات العمومية وتقليص مدة سداد ديونها؛
- تفعيل المهام الموكلة إلى البنك الوطني للضمان وتمويل المقاولات، خاصة الدعم والمساعدة الفنية للمؤسسات والإدماج المالي للفاعلين غير المؤهلين للائتمان المصرفي.
- التعجيل بتفعيل المهام الجديدة للمراكز الجهوية للاستثمار لتمكينها من دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة ؛
9-تخصيص جزء كبير من الاستثمارات العمومية للقطاعات ذات التأثير الاقتصادي والاجتماعي والبيئي القوي، وتمكينها من لعب دور مهم في التحول البيئي ، على المستويات الوطنية والجهوية والمحلية، ونخص بالذكر:
-تنفيذ البرنامج الاستعجالي لتوفير مياه الشرب والري 2020-2027 في الوقت المحدد، كما وافق عليه جلالة الملك ، بميزانية قدرها 115 مليار درهم،.
- دعم الجماعات المحلية لتحسين النقل الحضري وفقا لبرامج تعطي الأولوية للتنقل المستدام، وأشكال جديدة من تنظيم العمل عن بعد وتحسين البنية الطرقية، وإنشاء مسالك للدراجات ومواقف للسيارات
- تطوير مسالك منظمة وفعالة لإدارة وإعادة استعمال النفايات مع تطبيق مبدأ "من لوث يؤدي".
-إطلاق مشاريع صغيرة للطاقة المتجددة اللاممركزة من خلال تشجيع المولدات الشمسية على أسطح المساكن والمصانع وضخ الماء بالطاقة الشمسية،
- إطلاق برنامج عام لتجهيز المنازل والشركات بالأنترنت عالي الصبيب،
- اطلاق مشاريع استراتيجية من حجم " الطريق السيار للمياه " (من الشمال إلى الجنوب) والغاز الطبيعي السائل
10-الحفاظ على القوة الشرائية للمواطنين وإطلاق اليات التغطية الاجتماعية الشاملة من خلال اتخاذ الإجراءات العاجلة التالية:
للملزمين بالنظام الجزافي و المقاولين الداتيين. -إحداث نظام "المساهمة المهنية الموحدة"
-تفعيل التعويض عن فقدان الشغل لصالح ضحايا أزمة كورونا واغتنام الفرصة لتسوية أوضاع الاجراء الغير المصرح بهم ؛
- السماح لأبناء المقاولين الداتيين بالحصول على المنح الدراسية الاجتماعية؛
-إعادة تفعيل التعاون الوطني وإطلاق اوراش مضبوطة للمصلحة العامة في مختلف الجماعات الحضرية و القروية للمملكة؛
-إعادة تحفيز برامج الإسكان من خلال منح إعفاءات على رسوم التسجيل والتحفيظ و الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على فائدة قروض الإسكان ؛
- تقليص الضريبة على الدخل وبالتالي تخفيف العبء الضريبي وزيادة القوة الشرائية للطبقات المتوسطة والفقيرة؛
- استقطاع النفقات المخصصة لتعليم الأطفال من وعاء الضريبة على الدخل؛
- إعفاء جميع النفقات الصحية من الضريبة على القيمة المضافة خاصة تلك المتعلقة بعلاج الأمراض المزمنة و الخدمات الطبية والأدوية.
وتتميز المشاريع وتدابير الانتعاش المقترحة بكونها مندمجة اقتصاديا (تؤثر على العرض والطلب المحليين)، ويمكن تمويلها بالدين الداخلي. كما يمكنها ان تساهم في ابراز مهارات وقطاعات المستقبل وخلق فرص شغل محلية جديدة.
موازاة مع دلك، ولتعزيز الثقة وضمان تمويل الانتعاش الاقتصادي، يمكن لبلدنا الاستفادة من الأسعار المنخفضة للفائدة والأجالات الاستثنائية للتسديد وكذا التصنيف الإيجابي لبلدينا، لحجز عشرات الملايير درهم من تسهيلات التمويل الدولية التي قد نحتاجها في الأشهر المقبلة، بما في ذلك تغطية العجز المحتمل للميزانية.
أخيرًا، تناشد الرابطة الحكومة بالإسراع في الافراج عن قانون الإطار الضريبي وميثاق الاستثمار الجديد وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، لتحسين مناخ الأعمال وإعطاء رؤية واضحة لمختلف الفاعليين الاقتصاديين الوطنيين والمستثمرين الأجانب.