نخلد اليـوم ذكرى فاتـح ماي 2019 كباقـي دول العالم، عيد الشغـل الذي يجـسـد معاني الصـــــمود والكفاح من أجل انتزاع الحقوق وترسيخ المكتسبات، كما يجسد معاني التضحيات التي بذلها الرعيل الأول من العمال ضد الفقر والقهر والقمع والاستغلال.
فاتح ماي هو تجسيد أيضا للاستمرار في الإصرار على المطالبة بالعيش الكريم، والرفض للتيئيس والتهميش والثراء غير المشروع على حساب الطبقة العاملة.
فأين نحن من هذا أيتها المناضلات، أيها المناضلون؟ هل نعتبر هذا اليوم يوم عيد على غرار الدول المتقدمة؟ فأين نحن من فرحة العيد؟ لنبحث جميعا عن مظاهر الفرح وأين تكمن؟ هل مع استخفاف هذه الحكومة بمطالب الشغيلة والاستهانة بمعاناتها؟ هل بهذه الزيادة ليوم 25 أبريل 2019؟ هل نعتبرها فعلا هدية للطبقة العاملة في عيدها الأممي بعد غياب طال واستطال اعتقل فيه الحوار الاجتماعي إن لم نقل اغتيل؟ تراجعت خلاله المكتسبات النقابية وجرم خلاله العمل النقابي ضاربا بالاتفاقية الدولية رقم 87 فحوصر الطموح والتحفيز بمبررات واهية “الأزمة الاقتصادية” وهل الطبقة العاملة هي وحدها من يؤدي الثمن؟ وحدها من تضحي من أجل الوطن !! نعم نحن مسخرون جميعا لخدمة البلاد، على اعتبار أن سواعد الطبقة العاملة تنمي الأموال، لكن الأموال وحدها لا تضمن المستقبل، كلنا في خدمة الوطن، وهذا ما جعلنا نقبل بالتوقيع على هذه الزيادة الشحيحة، مدفوعين بغيرتنا الوطنية ونعتبرها استرجاعا لبعض ما تم خصمه قسرا من أجورنا تحت ذريعة إصلاح نظام التقاعد ! على أساس أنه ما لا يدرك كله لا يترك جله.
أخواتي العاملات إخواني العمال
إن موافقتنا على العرض الحكومي اليوم لا تعتبر توقيعا على بياض، وكيف ونحن مهندسي 14 دجنبر 1990 ولا زلنا نفرض معارضتنا الاستقلالية الوطنية البناءة بكل قناعة. هدفنا الاستقرار ثم الاستثمار، رغم ما نلاحظه من تعثر في العمل الحكومي وتجاهله للاحتقان الاجتماعي حيث أصبحت البطالة وباءا يحصد الأخضر واليابس في القرى والمدن، والمديونية ضربت أطنابها في رقم غير مسبوق، أضف إلى ذلك إغلاق المعامل والمصانع، وتشريد العمال والعاملات بمباركة مدونة الشغل التي أضحت مشجعة ومساندة للجهة القوية على حساب الطبقة الشغيلة !
إن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب لا يزداد مع مرور الأيام إلا اقتناعا بأن الحل لمشاكلنا الاجتماعية وأزماتنا الاقتصادية التي تفاقمت، يقتضي إرادة سياسية حقيقية للإصلاح ومحاربة الفساد واقتصاد الريع، وأن الحل يكمن في مراجعة الاختيارات اللاشعبية المعمول بها، والتي أفقدت الشعب الثقة في الحكومة، وهذا لن يتأتى إلا مع حكومة منسجمة تشتغل وفق برنامج انتخابي اجتماعي متكامل، يستهدف الطبقات الاجتماعية كلها، خاصة الطبقة الوسطى العمود الفقري للتوازنات الاجتماعية. إن الحل أخواتي إخواني يكمن في عمل حكومة تنهج سياسة تحقيق العدالة الاجتماعية وتطبيق الأجور الكافية بالنسبة لجميع الفئات والشرائح، حفاظا على القدرة الشرائية. حكومة تعرف فعلا قيمة ستين (60) درهما في اليوم كحــد أدنى للــقطاع الفلاحي وقدرة هذا الأجر على تلبية الحاجيات اليومية للأسر، ناهيك عن عمال المناولة من حراس ومنظفين والذين لا تتجاوز أجرتهم اليومية عشرين (20) درهما، وهل يحق لنا أن نتكلم عن الحد الأدنى للأجر في القطاع الصناعي، كل ذلك لا يواكب الارتفاع الصاروخي للأسعار وانعدام الخدمات الاجتماعية من صحة وتعليم وسكن… مما يكبر هوة الحاجة والتوريث الجيلي للفقر. إن الحل المتوخى يكون بعمل الحكومة على خلق شبكات للأجور في القطاع الخاص ودرجات استثنائية في سلم الوظيفة العمومية التي يجب إصلاحها إصلاحا حقيقيا بعيدا عن الارتجال والترقيع وفي تطبيق الترقية الداخلية بإنصاف وعدالة مع قوانين أساسية ضامنة للتحفيز والمردودية وتبتعد عن الحلول الترقيعية والإبداعات المشوهة مثل ما سمته التعاقد الفضفاض. حكومة تحافظ على رصيد الشغل بإيقاف الإغلاق الكلي والجزئي للمؤسسات الإنتاجية وإيقاف الطرد الفردي والجماعي وتقليص أيام وساعات العمل والتخفيف من العبء الضريبي على الضعفاء. حكومة تعمل على توسيع وتعميم الاستفادة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتنهج سياسة التوظيف بدون محسوبية أو انتماءات سياسوية، يكون فيها تكافؤ الفرص هو السائد، حكومة تعمل على تحسين أوضاع المتقاعدين وتعميم الحماية الاجتماعية للمعوزين وذوي الاحتياجات الخاصة، حكومة تحارب الغش والرشوة، حكومة تسابق الأحداث للتصدي لكل معضلة يمكنها أن تعرقل صفو الجو العام للحياة الاجتماعية وتصون الحريات النقابية.
أخواتي إخواني
إننا في الاتحاد العام للشغالين بالمغرب لا زلنا نؤكد التزامنا معكم وبكم على مواصلة التشبث بمطالبنا المشروعة، والتي لا تعدو أن تكون العيش الكريم، حقنا في العمل اللائق وفي الصحة وفي التعليم، في السكن وفي الاختيار الديموقراطي.
يدا في يد للدفاع عن حوزة وطننا واسترجاع أراضينا المغتصبة “سبتة ومليلية والجزر الجعفرية” رافضين أي حل للنزاع المفتعل حول صحرائنا المغربية خارج الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، فتحية إكبار صادقة لقواتنا المسلحة الملكية المرابطة على الحدود ولقائدها الأعلى جلالة الملك محمد السادس نصره الله، وتحية تقدير للأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة ورجال المطافئ، الحريصين على أمن واستقرار هذا البلد. وختاما تحية منا للشعب الفلسطيني المناضل، مؤكدين كاتحاد عام للشغالين بالمغرب على أن كفاحنا الاجتماعي لا ينسينا دورنا التاريخي والمتجدد من أجل نصرة الشعوب المضطهدة من طرف الجبروت والطغيان أينما وجد وحيثما كان.
“مستمرون في النضال من أجل استرجاع الحقوق والمكتسبات”.
عاش المغرب موحدا قويا آمنا
عاش الاتحاد العام للشغالين بالمغرب.
الكاتب العام
النعم ميارة
المصدر : https://ugtm.ma/%d9%83%d9%84%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9...