مواقف الحزب بخصوص النهوض بأوضاع الشباب وإدماجهم في المجتمع
يحظى الشباب بأهمية خاصة في حزب الاستقلال، ذلك أن أول رسالة وجهها الزعيم الراحل علال الفاسي حول القضية الوطنية هي وثيقة «الألوكة» التي وجهها للمؤتمر التأسيسي لمنظمة الشبيبة الاستقلالية بفاس وهو ما يظهر أهمية الشباب بالنسبة للحزب، كما أن من قاد الحركة الوطنية ومعركة التحرير ومعركة الديمقراطية ومعركة التعادلية الاقتصادية والاجتماعية هم الشباب وخاصة شباب حزب الاستقلال. ويعتبر الحزب أن العجز المطرد في إدماج الشباب ببلادنا من المؤشرات الأساسية على انحصار النموذج التنموي الحالي، لا سيما فيما يتعلق بالتعليم والتكوين والتشغيل، بالإضافة إلى عدم قدرة السياسات العمومية المعنية على مواكبة الحاجيات الجديدة لهذه الفئة الحيوية في ضوء التحولات الديمغرافية والحقوقية والثقافية والتواصلية المتسارعة في السنوات الأخيرة، مما يزيد في تعميق هشاشة الشباب المغربي، ويسهم في تفاقم شعورهم بالتهميش والإقصاء، اجتماعيا واقتصاديا، وتأزيم روابط انتمائهم إلى الوطن. وحرصا من الحزب على النهوض بأوضاع الشباب وأهمية إدماجهم في المجتمع، عمل على اتخاذ العديد من المواقف والمبادرات الهادفة إلى تعزيز مشاركتهم الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية:
1 _ بطالة الشباب وإشكالية الإدماج في سوق الشغل :
- سجل الحزب أن أكبر معضلة يعاني منها الشباب المغربي هي معضلة البطالة،مؤكدا أن بطالة الشباب بلغة الأرقام تبرز أن الفئة السنية بين 15 و 24 تصل البطالة في صفوفهم الى 26,5 في المائة، أي أن ربع اليافعين بالمغرب عاطلين عن العمل، ونسبة 43 في المائة منهم توجد بالمجال الحضري، وهو ما يؤكد أن أكبر إشكال يواجه الشباب اليوم هو التوفر على فرص الشغل، وتساءل عن مآل المخطط الحكومي الذي وعد الشباب بخلق مليون و 200 ألف فرصة شغل أمام حالات الإفلاس والاختناق الكبير الذي تعانيه المقاولات الصغرى والمتوسطة.
- عبر الحزب عن قلقه الكبير إزاء تزايد مستويات البطالة في بلادنا والتي تجاوزت 1.2 مليون عاطل، يشكل الشباب وخاصة حاملي الشواهد العليا القاعدة الواسعة لها، ذلك أن أكثر من 50 في المائة من حاملي الشواهد يئسوا من البحث عن أي وظيفة، والعديد منهم انخرطوا في هجرة الكفاءات في مختلف التخصصات، بما فيها القطاعات الواعدة ومهن المستقبل، ودعا الحكومة إلى اتخاذ التدابير اللازمة لوقف تدفقات الهجرة السرية والعلنية للشباب وذوي الكفاءات، وحثهم على الاستقرار وخدمة الوطن.
- كما عبر الحزب عن استيائه من بروز وتنامي ظاهرة مقلقة تتعلق بـشباب خارج المدرسة، بدون تكوين ولا شغل ولا حماية اجتماعية والتي تصل حاليا إلى اكتر من 2.7 مليون شابة وشاب. مطالبا الحكومة بوضع خطة استعجالية لمعالجة هذه الظاهرة من أجل النهوض بهذه الشريحة من الشباب وتسهيل انخراطها في المجتمع، وانتشالها من براثن اليأس والإقصاء والبطالة، وتأهيلها للمساهمة في الإقلاع الاقتصادي والتنموي لبلادنا.
- واعتبر الحزب أن قضايا الشباب تستوجب تعاطيا شاملا من قبل كل القطاعات الحكومية، التي تقع عليها جميعها مسؤولية النهوض بوضعية الشباب في مجالات الصحة، والتعليم والثقافة والتشغيل، وفق عرض متكامل قادر على تمكينهم من التكوين الملائم والشغل اللائق والإطار المحفز على الاندماج الاقتصادي والاجتماعي والمواطناتي، مذكرا بأن الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب (20 غشت 2018) ، دعا إلى التعبئة الشاملة لمواجهة إشكالية بطالة الشباب وحاملي الشهادات، وإطلاق مبادرات نوعية في مجال التشغيل.
(من العرض السياسي للأمين العام للحزب في الدورة الأولى للمجلس الوطني 21 أبريل 2018/ من كلمة الأمين العام للحزب في الملتقى الوطني للحوار التلمذي 7 شتنبر 2018 / من العرض السياسي للأمين العام في الدورة الثانية للمجلس الوطني 27 أكتوبر 2018 )
- دعا الحزب إلى معالجة الاختلالات العميقة في برامج التربية والتكوين بمؤسساتنا التعليمية ومعاهد التكوين المهني ومراجعتها بما يكفل الملائمة والانسجام بينها وبين الحاجيات الفعلية لسوق الشغل وتسطير برامج لتأهيل الشباب ذوي الشهادات العليا الصادرة عن مؤسسات التكوين المهني الذي يواجه تحديات حقيقية فيما يتعلق باليد العاملة المؤهلة.
- شدد الحزب على أن النهوض بالشباب رهين بمدى تأهيله وإعداده للمستقبل لضمان انخراطه الفعال في الحياة الوطنية ومواجهة كافة التحديات وتقوية تشبعه بمنظومة القيم المجتمعية وترسيخ ثقافة العمل والمسؤولية، واحترام الوقت والتضامن والعناية بالغير والتمسك بالثوابت الجامعة للأمة المغربية.
(من كلمة الأمين العام للحزب في الملتقى الوطني للحوار التلمذي 7 شتنبر 2018)
2_ الشباب وأزمة الثقة :
- بهذا الخصوص، يعتبر حزب الاستقلال أن المغرب يعيش حركية اجتماعية نشيطة وحيوية، ورغم كل المكاسب والإنجازات التي حققتها بلادنا، لازال منسوب الثقة ضعيفا خصوصا لدى فئة الشباب، الذي فقد الثقة في المؤسسات والهيآت السياسية، وفي المنظمات النقابية، وجمعيات المجتمع المدني، وفي المستقبل ككل.
- كما يعتبر الحزب أن الشباب المغربي في حاجة ماسة لمن يفتح أمامه باب الثقة والأمل في المستقبل، وهو ما يوجب على الحكومة التحلي بالمصداقية والجرأة في المواقف والقرارات والعمل بشكل استراتيجي ورؤية واضحة، لأن الشباب اليائس يشكل خطرا على المجتمع، مشددا على ضرورة أجرأة سياسة عمومية مندمجة لصقل طاقات الشباب التي تسترعي اهتمام جلالة الملك، وتحظى بعنايته الموصولة.
- ويقترح الحزب لاستعادة الشباب الثقة والأمل في مستقبلهم، ما يلي:
- تملك رؤية واضحة، لأن الشباب من حقهم الخوف على مستقبلهم من المجهول، في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية وفي ظل عقم الحاضر وضبابية المستقبل.
- تقوية القدرات وتعزيز الكفاءات وتطوير الإمكانيات الذاتية للشباب،لتمكينهم من التأقلم والتفاعل مع التحولات المجتمعية وتسهيل انخراطهم في الموجات الجديدة من المهن المستقبلية.
- تحرير الطاقات لاستثمار كل الإمكانيات المتوفرة لدى الشباب وتوفير مناخ ملائم تطبعه الشفافية والنزاهة والمنافسة الشريفة.
- تحقيق العدل وتكافؤ الفرص والمصداقية، من خلال تحويل الأقوال إلى أفعال،عوض تقديم الوعود الواهية والغير القابلة للتطبيق وهو ما يحتم على الحكومة أن تقدم خطابا صادقا قابلا للتنفيذ من أجل إعادة بناء الثقة مع الشباب.
- وبخصوص عزوف الشباب عن العمل السياسي، سجل الحزب إعراضا ملحوظا للشباب عن الانخراط في الأحزاب السياسية، وشيوع سلوك إرادي في الانكفاء والنفور من الممارسة السياسية، وهو ما ينأى بهم عن المساهمة في العملية الديمقراطية والمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل الوطن.
- واعتبر الحزب أن هذه الظاهرة تعد إشكالا كبيرا، ينذر بوجود هوة بين الشباب والفاعل السياسي، تستدعي إنتاج آلية لإدماجهم في الحياة السياسية، معبرا عن تعبئته الكاملة للقيام بالأدوار المنوطة به من أجل استقطاب نخب جديدة، وتعبئتهم للانخراط في العمل السياسي، وضمان مساهمتهم بشكل أكبر في العملية الانتخابية.
(من كلمة الأخ نزار بركة خلال اللقاء التواصلي المفتوح مع المشاركات والمشاركين في الملتقى الوطني للحوار التلمذي المنظم من طرف جمعية الشبيبة المدرسية 07 شتنبر 2018 / كلمة الأخ الأمين العام في اللقاء التواصلي المفتوح مع المشاركات بجامعة الانبعاث للتكوين والتأطير في نسختها الأولى السبت 22 شتنبر 2018)
3 _ الشباب والنموذج التنموي الجديد :
- انطلاقا من قيم الحزب ومرجعتيه التعادلية، يعتبر أن الرهان على الشباب لا ينبغي أن ينظر إليه من زاوية العبء والكلفة واستراتيجية تقليص المخاطر، وإنما ها بالتأطير والمواكبة وإتاحة ُها وتطويرُكطاقة واعدة وخزانا للقدرات يتعين رعايت الفرص التي تحتاجها، مؤكدا أن النموذج التنموي الجديد الذي يتطلع إليه الحزب جة، كحامل لهذا ِدمُيجب أن يستهدف الشباب بسياسة عمومية مندمجة وم النموذج وللاستراتيجيات والسياسات التي ستنبثق عنه، واستثمار الذكاء المغربي وتحفيز الإبداع والابتكار لمواكبة واستباق حاجيات المجتمع.
- يقترح الحزب وضع الآليات الكفيلة بإشراك الشباب في صناعة القرار العمومي من خلال تفعيل وتقوية المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وفي تقييم السياسات العمومية وفي الولوج إلى مناصب المسؤولية، والمساهمة الفعالة في مؤسسات الحوار المدني والديمقراطية التشاركية على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي.
- يؤكد الحزب على وضع سياسة عمومية لإدماج الشباب في الفعل المواطناتي عبر نشر ثقافة المواطنة والحقوق والواجبات، ووضع البرامج الحاملة لقيم التضامن والتطوع مع العمل على استعادة ثقة الشباب في الحياة السياسية، وتقوية مشاركته في الشأن العام محليا ووطنيا.
- كما يشدد الحزب على التمكين الاقتصادي للشباب، وتنمية روح المبادرة والثقافة المقاولاتية لدى الشباب، وضمان استفادتهم من المقدرات الاستثمارية ومن الصفقات العمومية، مع العمل على المواكبة القانونية والتقنية والمالية لمبادراتهم ومشاريعهم.
- ويدعو الحزب إلى سن سياسة مندمجة للشباب بجعله هدفا رئيسيا للسياسات العمومية وضمان التقائية هذه الأخيرة وإعادة صياغة الأولويات، ووضع منظومة لدعم وتحفيز الشباب، وتحرير الطاقات عبر الاستثمار الأمثل لمواهبهم وقدراتهم الإبداعية.
- كما يطالب بتوفير عرض ترابي متنوع ومنصف للخدمات الموجهة للشباب في مجالات التكوين والثقافة والرياضة والسياحة، والترفيه، وتسهيل الولوج إليها بشروط تفضيلية، بالإضافة إلى وضع خطة وطنية لمعالجة ومواجهة المخاطر المحدقة بالشباب، وتحصينه من تهديدات الإدمان والتطرف والإجرام.
(من النموذج التعادلي للتنمية البشرية المستدامة ماي 2018 )
4 _ إقرار الخدمة العسكرية :
- أكد الحزب بهذا الخصوص انخراطه في كل المبادرات المواطنة التي من شأنها تعبئة وإدماج الشباب ذكورا وإناثا في سيرورة البناء المجتمعي والتنموي لبلادنا، في إطار يضمن التوازن بين الحقوق الثابتة والواجبات الملزمة.
- كما أكد على أن إقرار الخدمة العسكرية في سياق التحول المجتمعي الحالي الذي تعيشه بلادنا، يقتضي من الحكومة جعل هذه الخدمة المواطنة ضمن السياسة المندمجة الجديدة للشباب التي أكد عليها جلالة الملك في خطابه السامي أمام أعضاء مجلسي البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة 13 أكتوبر 2017 ، والتي نتطلع أن تسارع الحكومة إلى إخراجها لكي تكون بمثابة العرض المتكامل والمتوازن الذي سيمكن الشباب من الحقوق والفرص والمؤهلات والتحفيزات التي يحتاجونها في التكوين والصحة والشغل، والثقافة، والترفيه، وغيرها من المقومات التي من شأنها توطيد أسباب الانتماء والاستقرار وخدمة الوطن؛
- طالب الحزب الحكومة، وباستعجال القيام بمجهود بيداغوجي وتواصلي محكم من أجل تصحيح ومواجهة الصور النمطية السلبية التي تقدم الخدمة العسكرية كآلية للتأديب والعقاب أو لكبت الطاقات وروح المبادرة والإبداع والترافع لدى الشباب؛
- ودعا الحكومة والبرلمان بغرفتيه إلى جعل محطة دراسة مشروع قانون الخدمة العسكرية والمصادقة عليه مناسبة للإنصات المتبادل والتفاعل مع النقاش العمومي والشبابي، والانفتاح على الاقتراحات البناءة والوجيهة الكفيلة بإغناء مقتضياته وتطوير راهنيته واستيعاب تطلعات الشباب ورهانات المرحلة، من خلال إدراج الخدمات الاجتماعية وذات النفع العام والبيئية والتنمية المستدامة، سواء كانت إلزامية أو تطوعية.
(بلاغ اللجنة التنفيذية 04 شتنبر 2018 )