تخليدا للذكرى الخامسة والسبعين لانتفاضة 29 يناير 1944 بسلا والتي أعقبت تقديم وثيقة 11 المطالبة بالاستقلال، احتضن مقر حزب الاستقلال بباب احساين بمدينة سلا يوم الثلاثاء 29 يناير 2019 ندوة فكرية هامة حول موضوع "نموذج تنموي جديد لمواصلة معركة الكرامة والديمقراطية"، حيث ساهم في تأطير هذه الندوة كل من الأخ عزيز هيلالي عضو اللجنة التنفيذية والمنسق الجهوي للحزب بإقليمي سلا والقنيطرة، والأخ عبد اللطيف معزوز عضو اللجنة المركزية للحزب ورئيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، وقد سير أشغال هذه الندوة الأخ محمد الكيحل الكاتب الإقليمي للحزب، الذي استعرض في البداية مميزات ومقاصد رجالات الحركة الوطنية بسلا من خلال المحطة التي عاشتها المدينة وهي تخرج عن بكرة أبيها يوم 29 يناير انطلاقا من المسجد الأعظم لتأييد مضمون وثيقة المطالبة بالاستقلال ل11يناير 1944 ومواجهة المستعمر بأحقية المطالب المشروعة للشعب المغربي.
وتناول الأخ عزيز هيلالي من خلال عرضه موضوع "المحور السياسي والمؤسساتي في مشروع النموذج التنموي الاستقلالي"، مذكرا في مستهله بأهمية الاحتفاء بالذكرى 75 لانتفاضة 29 يناير 1944، وما ترمز إليه من لحظة تحول حقيقي في معركة الاستقلال والحرية والتي عقبت تقديم وثيقة الاستقلال في 11 يناير 1944 وكذلك لحظة مهمة للوقوف على انتظارات الشعب المغربي بعد مرور أزيد من 60 سنة على الاستقلال، بهذا تكون أهمية الموضوع في محاولة ربط نضالات معركة الاستقلال مع نضالات تحقيق مكاسب جديدة للجيل الجديد في أفق التجاوب مع الإرادة الملكية في البحث عن نموذج تنموي جديد يحفظ للشعب كرامته ويضمن ظروف عيش أحسن وشروط تنمية أفضل.
وأكد الأخ هيلالي على الأهمية القصوى للشق السياسي في تصور حزب الاستقلال للنموذج التنموي المنسود على اعتباره أحد المداخل الرئيسية للانتقال للنموذج التنموي الجديد عبر اعتماد حكامة ناجعة والحرص على تقوية الديمقراطية ومواصلة بناء دولة الحق والقانون وتطوير القدرات الاستباقية لصناع القرار والحرص على حسن إعداد الاستراتيجيات، وفي هذا الصدد تم التأكيد من جديد على أن الخيار الديمقراطي يعتبر من خلال دستور 2011 ضمن الثوابت غير القابلة للمراجعة إلى جانب الدين الإسلامي والوحدة الوطنية متعددة الروافد والملكية الدستورية، ولهذه الاعتبارات شدد حزب الاستقلال من خلال مشروعه على ضرورة إعادة الثقة في الفاعل الحزبي والعمل السياسي والديمقراطية المحلية وكذلك إعادة تأهيل الحقل السياسي حتى تقوم الأحزاب بدورها كاملا في تأطير وتوجيه المواطن وتبني مظالمه ومطالبه المشروعة.
وسجل الأخ عزيز هيلالي دعوة الحزب لإعطاء دينامية جديدة للديمقراطية التمثيلية من خلال تقوية الرابط السياسي والاجتماعي بين المنتخب والمواطن ومراجعة المنظومة الانتخابية ومراجعة القانون التنظيمي للأحزاب ووضع الجماعات الترابية في صلب التحديات التي تواجه مصداقية الديمقراطية والتوجه بكل جدية نحو جهوية متقدمة بصلاحيات واسعة.
ومن جهته، تعرض الأخ عبد اللطيف معزوز إلى تقديم أهم ركائز وأسس بناء مشروع النموذج التعادلي للتنمية البشرية المستدامة، حيث توقف في البداية على أن مشروع الحزب يستهدف أولا وقبل كل شيء المواطن المغربي حيث ما وجد في خريطة المملكة المغربية أو في بلاد المهجر، حيث اعتبر أن الركيزة الأولى للمشروع هي جعل التنمية البشرية وكرامة وأمن المواطن المغربي والتوزيع العادل لثمرات النمو في صلب غايات السياسات العمومية وكذلك تطوير روح المواطنة لدى المغاربة والعمل على استردادهم الثقة في العمل السياسي والمؤسسات العمومية.
كما تحدث الأخ معزوز على جعل التشغيل كذلك في صلب السياسة العمومية والقرارات الاقتصادية من خلال إعادة تقييم القدرات الحقيقية لخلق مناصب الشغل للاستراتيجيات القطاعية الحالية وتشجيع المقاولات الصغرى والمتوسطة والناشئة على إحداث الشغل والتشغيل الذاتي وكذا ملائمة سياسة الهجرة لبلادنا مع آفاق تطور حاجيات سوق الشغل في المغرب وفي بلدان الاستقبال.
وسجل الأخ معزوز انشغال حزب الاستقلال بموضوع تنمية الطبقة الوسطى ومحاربة الفقر والارتقاء بتقوية الطبقة الوسطى إلى أولوية وطنية والقيام بتقييم متواصل لمحاربة الفقر مع تنويع المصاعد الاجتماعية لتحسين درجة الاندماج الاجتماعي، مع ضرورة الانخراط الإرادي في الثورات التكنولوجية من خلال إعداد وتطبيق استراتيجية وطنية لتموقع تفاعلي للمغرب تجاه التحولات التكنولوجية ومضاعفة المجهود الوطني في مجال البحث والتنمية وجعل رقمنة الإدارة مختبرا وطنيا للبحث ووسيلة للتنمية التكنولوجية.
كما أكد الأخ معزوز على ضرورة تأهيل المقومات الأساسية للتنمية البشرية في مجالات التربية من خلال استعادة الدور الريادي للمدرسة والجامعة العمومية وإصلاح منظومة التعليم، وفي مجال الصحة من خلال تعزيز تغطية التراب الوطني بالمؤسسات الصحية وإصلاح هيكلة المنظومة الصحية واستكمال ورش التغطية الصحية الأساسية وضمان فعاليتها وتحسين نجاعتها وكذلك ما يرتبط بموضوع المساواة بين الرجل والمرأة وحماية البيئة.
وتميزت هذه الندوة بالمناقشة العامة التي أعقبت المداخلتين والتي عبرت عن نضج وواقعية أطر الحزب بسلا، من حيث التجاوب مع مضمون المشروع واستخراج أهم أسسه كمدخل لرد الاعتبار للمواطن المغربي الذي يشهد له التاريخ بالأدوار الكبيرة التي تخطاها بنجاح وبتضحيات الجسيمة من أجل استقلال البلاد وبناء الديمقراطية، واليوم يجب أن تحفظ الدولة كرامته وأن تحسن ظروف عيشه.