بوابة حزب الاستقلال

الأخ نزار بركة في عرضه السياسي أمام المجلس الوطني للحزب.. الأغلبية الحكومية مُتجانسة ولها إرادة قوية للإصلاح وحزب الاستقلال أنصفته نتائج الاستحقاقات الانتخابية والمرحلة المقبلة لا تقبل أنصاف الحلول أو الإصلاحات المجزأة

السبت 27 نونبر 2021

وفقا لمقتضيات النظام الأساسي للحزب، عقد حزب الاستقلال، يوم السبت 27 نونبر 2021 عبر تقنية التناظر عن بعد، دورة عادية للمجلس الوطني للحزب في جلستها الأولى، برئاسة الأخ شيبة ماء العينين رئيس المجلس الوطني، وذلك في ظل حضور الأخوات والإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، ومتابعة وازنة للأخوات والإخوة أعضاء "برلمان" الحزب.

وتميزت هذه المحطة التنظيمية الهامة، بالعرض السياسي والتنظيمي للأخ نزار بركة الأمين العام للحزب، الذي اعتبر من خلاله أن هذه الدورة للمجلس الوطني تأتي في ظل تحولات وطنية وحزبية وسياسية عميقة، سواء على مستوى تطورات قضية وحدتنا الترابية وما حملته الرسائل الحازمة للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء، وكذا ما تضمنته مخرجات القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي.

وعلى المستوى الحزبي، أكد الأخ نزار بركة أن الحزب ارتقى إلى صدارة المشهد السياسي الوطني بفضل الحصيلة الانتخابية المتميزة التي أحرزها في الاستحقاقات الجماعية والجهوية والبرلمانية الأخيرة، أما على المستوى السياسي، فإعتبر أن بلادنا انتقلت إلى تناوب ديمقراطي جديد أفرزته نتائج انتخابات 8 شتنبر 2021، حيث كانت المُحَصِّلَةُ هي عَوْدَةُ حزب الاستقلال كفاعل أساسي في هذا التناوب السياسي الجديد، واستعادتُه لموقعه الطبيعي في الخريطة السياسية.

وفيما يلي النص الكامل للعرض السياسي والتنظيمي الهام للأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال بأشغال الدورة العادية للمجلس الوطني للحزب المنعقدة يومه السبت 27 نونبر 2021 عبر تقنية التناظر عن بعد :

"● نلتقي اليوم في دورة أخرى للمجلس الوطني، التي تأتي في أفق انطلاق التحضير للمؤتمر العام الثامن عشر 18 للحزب، وقد حرصنا في البداية على أن تنعقد هذه الدورة بشكل حضوري لنجدد التواصل التنظيمي المباشر، من خلال مؤسسة المجلس الوطني، مع كل الأخوات والإخوة المناضلات والمناضلين بعد التحسن التي سجلته الوضعية الوبائية ببلادنا في الأسابيع الماضية، لكنه بالنظر لِمَا استَجَدَّ في الأيام الأخيرة من تسارع في انتشار موجة جديدة للوباء على الصعيد الدولي، وعلى إثر تمديد حالة الطوارئ الصحية ببلادنا إلى غاية 31 دجنبر 2021، وحرصا من حزبنا على التقيد بالتدابير الاحترازية المعتمدة خاصة ما يتعلق بحظر التجمعات ذات الكثافة العددية في الفضاءات والأماكن المغلقة واستشعارا منه بمسؤوليته في الحفاظ على صحة وسلامة مناضلاته ومناضليه وأخذا بمبدإ الحيطة والحذر لتحصين المكتسبات الصحية المسجلة منذ أشهر طويلة، فقد تقرر عقد هذه الدورة عن بُعْد، على أمل لقاء حضوري قريب إن شاء الله.

● وعلى الرغم من ذلك، فإن مؤشرات التعافي من الوباء، باتت تلوح في الأفق بفضل الجهود المبذولة من طرف الجميع: دولة ومؤسسات وفاعلين ومواطنات ومواطنين، بقيادة جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في مواجهة الجائحة والتخفيف من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.

● صحيح أن بعض القرارات كانت صعبة للتعايش معها بالنسبة للجميع، مواطنين ومقاولات، ولكن تبقى أهم القرارات التي اتُخِذت في مواجهة الوباء، هي توفير اللقاح مجانا وبكمية كافية، في إطار حملة مواطناتية مطردة تُنْصِتُ وتتفاعل مع نبض المجتمع ومع مطالبه المشروعة. وها نحن اليوم نجني ثمار هذه الاختيارات الصائبة بتواصل عملية التلقيح، وتحسن ملحوظ للحالة الوبائية ببلادنا.

● وانعكاسا لهذا الانفراج الصحي الذي نرجو أن يتواصل، صدر القرار الحكومي الأخير القاضي برفع حظر التنقل الليلي بمجموع التراب الوطني ابتداء من يوم الأربعاء 10 نونبر الجاري وبتخفيف العديد من القيود الاحترازية ويعتز حزبنا بمساهمته الفاعلة في استصدار هذا القرار الحكومي الذي عمل على تلطيف التدابير الاحترازية على المواطنات والمواطنين.

● ولعل التزامَنا التنظيمي بعقد هذه الدورة في موعدها إنما هو من منطلق حرصنا على توطيد ورفعة مؤسسة المجلس الوطني كمؤسسة تقريرية عُليا للحزب وكفضاء تنظيمي رفيع، لإبداع وبلورة الرؤى والمواقف والقرارات المسؤولة وتحديد الاختيارات والتوجهات الاستراتيجية، واقتراح الحلول والبدائل وصياغة التقديرات الملائمة في تناغم وانسجام مع الرصيد الفكري والسياسي للحزب وتَمَاهٍ مع مرجعيته التعادلية الاقتصادية والاجتماعية، وتفاعل مع نبض المجتمع وإنصات لهمومه وانتظاراته.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛

● تنعقد هذه الدورة للمجلس الوطني في ظل تحولات وطنية وحزبية وسياسية عميقة جديرة بالتحليل الرصين والمتابعة الجادة، سواء على مستوى تطورات قضية وحدتنا الترابية وما حملته الرسائل الحازمة للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء، وكذا ما تضمنته مخرجات القرار الأخير لمجلس الأمن الدولي، أو على المستوى الحزبي، حيث ارتقى الحزب إلى صدارة المشهد السياسي الوطني بفضل الحصيلة الانتخابية المتميزة التي أحرزها في الاستحقاقات الجماعية والجهوية والبرلمانية الأخيرة أو على المستوى السياسي، حيث انتقلت بلادنا إلى تناوب ديمقراطي جديد أفرزته نتائج انتخابات 8 شتنبر 2021، حيث كانت المُحَصِّلَةُ هي عَوْدَةُ حزب الاستقلال كفاعل أساسي في هذا التناوب السياسي الجديد، واستعادتُه لموقعه الطبيعي في الخريطة السياسية.


أولا: التحول في القضية الوطنية

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛

● لا يخامرنا شك في أن قضية وحدتنا الترابية الموسومة بالقداسة لدى كل المغاربة، قد عرفت نقلة نوعية بل ودخلت منعرجا حاسما بفضل ما جسده الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 46 للمسيرة الخضراء والقرار الأممي والإنجازات الدبلوماسية بأقاليمنا الجنوبية وفي مقدمتها اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بمغربية الصحراء، وفتح العديد من الدول الشقيقة والصديقة لقنصلياتها في كل من مدينتي العيون والداخلة، كل ذلك جسد تحولا استراتيجيا في مقاربة التعامل مع قضيتنا الوطنية.

● فالخطاب الملكي السامي الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس حفظه الله إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى السادسة والأربعين للمسيرة الخضراء، قد أطر هذا التحول وعمل على ترسيخ المحددات والثوابت الواجب مراعاتها في التعامل مع قضية الوحدة الترابية للمملكة، وذلك من خلال إشهاره للاءات الحاسمة:

- لا جدال حول الحقيقة الثابتة لمغربية الصحراء؛

- لا تفاوض حول مغربية الصحراء، وإنما التفاوض من أجل إيجاد حل سلمي لهذا النزاع الإقليمي المفتعل؛

- لا نقاش بعد اليوم إلا على قاعدة العرض الوحيد المطروح فوق طاولة المفاوضات، المبني على مبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، الموصوفة أمميا بالجدية والمصداقية والواقعية؛

- لا شراكات اقتصادية أو تجارية مستقبلية مع أي كان دون إدراجِ كاملِ الترابِ الوطني ضمنَها.

● وأكد جلالة الملك في ذات الخطاب، أن بلادنا ملتزمة بالخيار السلمي وبوقف إطلاق النار، وتجديد الدعم الكامل للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة من أجل إعادة إطلاق المسار السياسي وفق المرجعيات التي سبق أن أكدتها قرارات مجلس الأمن منذ 2007.

كما شدد جلالتُه على أن الممثلين الحقيقيين والشرعيين لساكنة أقاليم وجهات الصحراء المغربية، هم المنتخبون الذين أفرزتهم صناديق الاقتراع في الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.

ومن جهتنا، لا يسعنا كحزب الاستقلال إلا أن نعبر عن اعتزازنا بكون أغلب هؤلاء المنتخبين الممثلين لساكنة هذه الأقاليم العزيزة، ينتمون إلى حزبنا، ومن بينهم رئيسا جهتي العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب، الأخوين حمدي ولد الرشيد وينجا الخطاط.

● ونتطلع في حزب الاستقلال إلى أن يكون تعيين رئيس جديد لبعثة المينورسو بالصحراء المغربية، وتعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام للأمم المتحدة في شخص السيد "ديميستورا"، منعرجا حاسما لتسوية هذا النزاع المفتعل.

● كما نسجل بكل اعتزاز، الرؤية المتبصرة والحكيمة لجلالة الملك لاستتباب السلم والاستقرار والنماء بالمنطقة المغاربية، ومتمنياته لشعوبها بالرقي والازدهار في ظل الوحدة والاستقرار.

● ولم يكن التحول السياسي الجديد الذي عرفته القضية الوطنية إلا انعكاسا للدينامية الإيجابية التي طبعت مسارها بفضل المكاسب والإنجازات التي حققتها الدبلوماسية الرسمية والبرلمانية والحزبية والشعبية والاقتصادية، وبفضل نجاعة الاستراتيجية التنموية التي اعتمدتها بلادنا بأقاليمنا الجنوبية، وهو ما شكل قوة دافعة وسندا داعما لقضية وحدتنا الترابية، تُوِّج بالقرار السيادي للولايات المتحدة الأمريكية للاعتراف بمغربية الصحراء، وعززته دبلوماسية القنصليات المطردة، من خلال إقدام العديد من الدول الصديقة والشقيقة على فتح قنصلياتها بمدينتي العيون والداخلة.

● وفي هذا السياق سجل حزبنا بارتياح ما ورد في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2602 الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2021 حول الصحراء المغربية، من تكريس للإيقاع الاعتيادي السنوي في تجديد مهمة المينورسو، ودعوة صريحة لجميع الأطراف بما فيها الجزائر، للانخراط التام والإيجابي في الحوار السياسي وفي مختلف المساعي الأممية بروح من الواقعية والتوافق للدفع بمسلسل التسوية إلى الأمام ولضمان الوصول إلى الحل السياسي الواقعي والعملي والمستدام والمتوافق عليه. ومن منظور حزبنا، فإن هذه المواصفات الأممية للحل المُرتجى يُجسدُها المقترح المغربي للحكم الذاتي تحت السيادة الوطنية، كما أشاد به مجلس الأمن في قراره، وهي الإشادة التي تعكس بوضوح مدى تطور وعي المجتمع الدولي المتزايد بعدالة قضية وحدتنا الترابية ورجاحة ومصداقية مبادرة الحكم الذاتي لأقاليمنا الجنوبية تحت السيادة المغربية باعتباره الخيار الجِدِّي والواقعي لهذا النزاع المفتعل، وهو ما أكد عليه البيان المشترك الصادر عقب اللقاء الذي جمع يوم الإثنين الماضي في واشنطن بين وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج السيد "ناصر بوريطة" ونظيره الأمريكي "أنتوني بلينكن"، حيث جددت الولايات المتحدة الأمريكية تأكيد دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل "جاد وذي مصداقية وواقعي".

● لذلك نقول لحكام الجزائر ولخصوم وحدتنا الترابية ولمن يدور في فلكهم:

- أنه لم تعد تُجْدِي مناوراتهم واستفزازاتهم وادعاءاتهم المغرضة؛

- ولا ما يُحاك ضد وحدتنا الترابية من مؤامرات؛

- ولا ما يُتخذ من مواقف عدائية وتصعيد دبلوماسي وإعلامي ممنهج ضد المصالح العليا لبلادنا.

● فالاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء لن يكون الأول والأخير والدينامية الإيجابية التي تعرفها قضيتنا الوطنية كما قال جلالة الملك لا يمكن توقيفها.

- فكفى تهجما وتطاولا على ثوابت الأمة ورموزها ومقدساتها السيادية والدستورية؛

- وكفى عبثا بروابط التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك؛

- وكفى تنكُّرا لمنطق حسن الجوار وأواصر الأُخوة بين الشعبين المغربي والجزائري، وليجنحوا للحكمة والتعقل ولينتصروا للهدف الأسمى هو التقدم والازدهار والخير والإخاء والتنمية لشعوب المنطقة، في ظل السلم والاستقرار بدل إغراق المنطقة في دوامة التوتر والكراهية والعداء.

● إن حزب الاستقلال، الذي ظلت ولازالت قضية الوحدة الترابية للمملكة في مقدمة انشغالاته وأولوياته، بل ومن أبرز القضايا المقدسة الراسخة الحضور في ذاكرة ووعي ووجدان كافة الاستقلاليات والاستقلاليين، ليجدد التأكيد على انخراطه في صدارة التعبئة الوطنية وتجنده الدائم وراء جلالة الملك والذَّوْد بلا هوادة عن مصالحه الحيوية والاستراتيجية، ويدعو إلى جبهة داخلية قوية ومتماسكة ودبلوماسية موازية قوية وناجعة، وتأهب متواصل للترافع عن القضية الوطنية في مختلف المنابر والمحافل الدولية الرسمية والحزبية لمواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالوطن والتصدي للمتربصين بالوحدة الترابية للمملكة.


ثانيا: التحول الحزبي

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛

● إذا كانت هذه الدورة تنعقد بطعم "التحول" الذي انطلق ببلادنا رغم الصعوبات والكوابح الموضوعية منها والمفتعلة التي ما تزال مطروحة، فإن حزبنا - حزب الاستقلال - الذي هو ضمير الأمة في ثباتها وتحولاتها، يعيش هو الآخر على وقع طفرة سياسية وتنظيمية حميدة انطلقت ديناميتها مع المؤتمر العام السابع عشر وتَمَلَّكَها المناضلات والمناضلون، واقتنع بها المواطنات والمواطنون، وها هي اليوم تمنحنا موقعا متقدما في المشهد الحزبي والمؤسساتي الوطني والترابي.

● نعم، تنعقد هذه الدورة، في غمرة شعور عارم مفعم بالارتياح الكبير والانتشاء المستحق بالحصيلة الانتخابية المشرفة التي حققها حزبنا في الاستحقاقات الجماعية والجهوية، والبرلمانية الأخيرة، التي أعادت نتائجُها حزبُنا إلى صدارة الواجهة السياسية الوطنية والترابية، وبوأته مكانة وازنة في مؤسسات صناعة القرار الوطني، وأدخلته من الباب الواسع معترك تدبير الشأن العام الوطني والمحلي، بعد ما خاض بالأمس القريب معارضة وطنية استقلالية حظيت بالتقدير والاحترام من طرف جميع الفرقاء وبثقة المواطنات والمواطنين.

● إن حزبا برصيد تاريخي وفكري زاخر ونضال وطني متجذر، وقوة اقتراحية مُلهمة، ومرجعية تعادلية اقتصادية واجتماعية مُبدعة ومجددة، وذكاء جماعي خلاق، وتجربة رائدة في تدبير الشأن الترابي والوطني، إن حزبا بهذه المواصفات، لم يكن ليركن إلى الخلف ويَقْنَعَ بالحضور الرمزي أو بالمشاركة في الأحداث دون أن يكون من صُنَّاعها وفاعلا في توجيهها.

● لذلك عمل حزبنا منذ المؤتمر 17 على استجماع كل قواه والنهوض من كبوته التنظيمية السابقة قويا متماسكا، واستنفر كلَّ مؤسساته وتنظيماته ومنظماته الموازية وروابطه المهنية، وكلَّ مناضلاته ومناضليه ليعود كما كان دائما فاعلا ومؤثرا في المشهد السياسي الوطني، فَحَمَلَ لواء الإنصاف الآن، في الاستحقاق الديمقراطي الأخير، وجَنَى ثمار تنزيل استراتيجيته الجديدة للنهوض بأداء الحزب، وتعبئة وانخراط كل مكوناته، وقدرته على إبداع الحلول والاقتراحات والبدائل التي تصب كلها في خدمة الوطن والمواطنات، وأنصفته النتائج التي أفرزتها الاستحقاقات الانتخابية، التي أكدت بما لا يدع مجالا للشك:

- رجوع حزب الاستقلال لوجدان وذاكرة المغاربة التي كان دائما متجذرا فيها؛

- عودة الثقة في الاختيارات والتوجهات والحلول والبدائل التي يقدمها لخدمة المواطنين؛

- عودة الزخم للمشروع المجتمعي الذي يدافع عنه الحزب والمستلهم من خياره التعادلي المواكب للتحولات المجتمعية؛

- جاذبية العرض الاستقلالي، المستجيب لطموحات وانتظارات مختلف شرائح المجتمع.

● وهكذا استطاع حزبنا، بفضل التجاوب الشعبي مع برنامجه الانتخابي:

- الانتقال من حزب يعمل خارج الإطار الحكومي على الرغم من مساندته للحكومة، إلى حزب أساسي ضمن البديل الديمقراطي الذي أفرزته الانتخابات، وبحضور وازن في الفريق الحكومي الجديد؛

- الانتقال من حضور انتخابي باهت للحزب بـ 46 مقعدا في انتخابات مجلس النواب 2016 إلى حصيلة انتخابية غير مسبوقة بـ 81 مقعدا في نفس الانتخابات لسنة 2021، أي بنسبة زيادة تُقدر بـ 76% مقارنة مع حصيلة 2016.

- الانتقال من حزب لم يتمكن في مسار التفاوضي من انتزاع رئاسة أحد مجلسي بالبرلمان، لا في انتخابات سنة 2015 ولا 2016 إلى نجاحنا والحمد لله في نيل الثقة لرئاسة مجلس المستشارين عقب نتائج الانتخابات الأخيرة، وذلك في شخص الأخ "النعم ميارة" عضو اللجنة التنفيذية للحزب والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بالإضافة إلى عدد من النيابات في كلا المجلسين؛

- المرور من وضعية حزب بدون فريق نقابي بمجلس المستشارين في انتخابات 2015 إلى وضعية أقوى عقب الانتخابات الأخيرة، حصل فيها الاتحاد العام للشغالين بالمغرب على 6 مقاعد مقابل 3 مقاعد في انتخابات 2015، وتمكن لأول مرة من تكوين فريق برلماني؛

- وبهذه المناسبة نتوجه بالتحية والتقدير إلى الأخوات والإخوة البرلمانيين الجدد نوّابًا ومستشارين على تعبئتهم وانخراطهم في المشروع الاستقلالي الذي دافعوا عنه أمام المواطنات والمواطنين بكل صدق ومسؤولية ونالوا ثقتهم عن جدارة واستحقاق.

- الانتقال من حزب يتواجد في بعض جهات المملكة، وبعض المناطق إلى حزب يتمركز في كل المناطق وفي مختلف الجهات وبحصوله على المرتبة الثانية في الانتخابات الجهوية بـ 144 مقعدا في مقابل 119 مقعدا في الانتخابات الجهوية لسنة 2015؛

- وانتقلنا من رئاسة جهتين هما جهة العيون الساقية الحمراء والداخلة وادي الذهب في انتخابات 2015 إلى رئاسة 4 جهات في انتخابات 2021، وهي:

• جهة العيون الساقية الحمراء برئاسة الأخ سيدي حمدي ولد الرشيد؛

• جهة الداخلة وادي الذهب، برئاسة الأخ ينجا الخطاط؛

• جهة فاس مكناس برئاسة الأخ عبد الواحد الأنصاري؛

• جهة الدار البيضاء سطات برئاسة الأخ عبد اللطيف معزوز؛

- كما انتقل الحزب من 5106 مستشارة ومستشار جماعي في الانتخابات الجماعية لسنة 2015 إلى 5600 في الانتخابات الأخيرة؛

- ومن 620.000 ألف (ستمائة وعشرين ألف) صوت حصل عليها الحزب في انتخابات 2016 إلى 1.300.000 (مليون وثلاثمائة ألف) صوت في الانتخابات الأخيرة؛

- كما عاد الحزب إلى رئاسة المزيد من الجماعات ومجالس العمالات والأقاليم، حيث:

• انتقل من رئاسة 245 جماعة في الانتخابات الجماعية لسنة 2015 إلى 270 جماعة في الانتخابات الأخيرة؛

• ومر عدد مجالس العمالات والأقاليم التي يترأسها الحزب من 08 سنة 2015 إلى 09 في الانتخابات الأخيرة (مجلس عمالة الرباط ومجالس أقاليم: العيون، السمارة، أوسرد، الحاجب، بنسليمان، خريبكة، الصويرة، الحوز)؛

• وحصل الحزب على عمودية مدينة سلا، فضلا عن المشاركة في تسيير العديد من المدن الكبرى والجهات والجماعات والمقاطعات ومجالس العمالات والأقاليم عبر مختلف ربوع المملكة.

- كما سبق لحزبنا الحصول على 359 مقعدا في انتخابات الغرف المهنية التي جرت شهر غشت الماضي في مقابل 352 مقعدا في انتخابات 2015، وهي نتيجة مَكَّنَت حزبنا من ترؤس 6 غرف مهنية تعد من أقوى وأكبر الغرف المهنية ببلادنا، في مقابل رئاسة 4 غرف في انتخابات 2015، نتائج تُوِّجَتْ برئاسة حزبنا لجامعة الغرف المغربية للصناعة والتجارة والخدمات.

● تلكم أيتها الأخوات، أيها الإخوة، حصيلة دينامية التحول التي طبعت أداء حزبنا وصنعت الفارق فيما حصده من نتائج انتخابية غير مسبوقة.

وما كان لهذا الحصاد المشرف أن يتحقق لولا التعبئة القصوى التي انخرطت فيها كافة مكونات الحزب، ولولا تضافر جهود الجميع:

- الأخوات والإخوة المنسقون، وكل أعضاء اللجنة التنفيذية من خلال ما أبانوا عنه من روح قيادية في التنسيق والتأطير والتوجيه؛

- الأخت المفتشة والإخوة المفتشون، من خلال عملهم الجاد في تقوية التنظيم وتجديد فروع الحزب (حيث تمكنا من تجديد 60% من هذه الفروع) والسهر على تنزيل الاستراتيجية التي وضعتها قيادة الحزب للنهوض بأدائه؛

- الفريق البرلماني، لما أبان عنه فريقا الحزب بالبرلمان بغرفتيه مجلس النواب ومجلس المستشارين، من حضور لافت، وتعبئة متواصلة لتصريف مواقف الحزب وقراراته، وتجسيد سياسة القرب في أنشطته الفكرية والتأطيرية، والترافع المستمر عن القضايا المرتبطة بانشغالات المواطنين، فضلا عن مساهمته القيِّمة باسم الحزب في مجالات التشريع والمراقبة والدبلوماسية البرلمانية دعما للجهود الرسمية الهادفة إلى الدفاع عن الوحدة الترابية والمصالح العليا للبلاد.

- الأخوات والإخوة أعضاء اللجنة المركزية واللجان المنبثقة عنها، لانصهارهم الدائم في صلب القضايا الكبرى للمجتمع ولمواكبتهم لمواقف الحزب واختياراته، بالتحليل العميق والتفكير الرصين وتقديم الاقتراح الوجيه والمسؤول المعبر عن تطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين؛

- أنتم أخواتي وإخواني أعضاء المجلس الوطني، حماة الحزب وحراسه، لما تجسدونه من قوة تقريرية بعد المؤتمر العام للحزب ولما تبرهنون عنه من قدرة على بلورة المواقف والقرارات ورسم معالم ما ينهجه الحزب من خيارات؛

- فروع الحزب وتنظيماته المحلية، لما أبانت عنه من تعبئة تنظيمية وعمل ميداني، وحس نضالي كبير؛

- منظمة المرأة الاستقلالية، لما جسدته من حضور تنظيمي وميداني وإشعاعي، ولما بذلته من جهود ومبادرات ترافعية مواطنة وتأطير للمرأة المغربية في المدن والقرى وتفاعل مع حاجياتها وانتظاراتها والترافع عن مشاركتها في الحياة السياسية والشأن العام؛

- منظمة الشبيبة الاستقلالية والجمعيات المنضوية تحت لوائها، لما تمثله من مشتل للكفاءات والأفكار والمبادرات، ولما قدمته من إسناد للحزب والتعريف بقيمه ومبادئه وتصريف مبادراته واقتراحاته وترافعاته لخدمة مصالح المواطنات والمواطنين؛

- الروابط المهنية، لما تمثله من مَعين فكري لا ينضُب وخزان للذكاء الاستقلالي الملهم للحزب بالأفكار والاقتراحات والحلول العملية، ولمساهمتها في التأطير الحزبي، وإغناء العرض الاستقلالي وبرنامجه التعادلي، وتعزيز الدينامية الفكرية والإشعاعية للحزب؛

- الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، لما أبان عنه من تأهب دائم في خدمة الوطن والدفاع المستميت عن الطبقة العاملة والترافع عن قضاياها العادلة بوأته صدارة المشهد النقابي ببلادنا، ولما قدمه بسخاء من دعم وإسناد للحزب لتقوية حضوره التنظيمي وتعزيز مكانته في الساحة السياسية الوطنية؛

- الاتحاد العام للمقاولات والمهن، لمساهمته الكبيرة في تعبئة المهنيين والتجار والصناع والحرفيين وأرباب المقاولات الصغيرة والمتوسطة والترافع عن همومهم وانشغالاتهم وما كابدوه من معاناة خلال فترة الحجر الصحي، فضلا عن مساهمته في تقوية صفوف الحزب والدفاع عن توجهاته واختياراته؛

- الاتحاد العام للفلاحين بالمغرب، لما قام به من تعبئة في أوساط الفلاحين وما قدمه من دعم وتأطير لهم قبل وخلال الاستحقاقات الانتخابية خاصة في الانتخابات الخاصة بالغرف الفلاحية، والتي كان لمساهمته في الانخراط الواسع للفلاحين فيها انعكاس إيجابي على ما حققه حزبنا من نتائج مشرِّفة.

● من باب الإنصاف والعرفان، نتقدم إلى كل هيئات الحزب وتنظيماته المركزية والترابية ومؤسساته الموازية وروابطه المهنية بجزيل الشكر وعظيم الامتنان، على تعبئتهم القصوى وحسهم النضالي الكبير وعلى ما بذلوه من جهود لرفعة الحزب وتقوية حضوره السياسي وتعزيز مكانته في الخريطة الانتخابية والسياسية الوطنية.

● فبفضل الجهود المخلصة للجميع، أحرزنا مكانا متقدما في صدارة المشهد السياسي، انتقل بنا من الاصطفاف في المعارضة الوطنية الاستقلالية إلى المشاركة في الحكومة وتدبير الشأن العام من موقع السلطة التنفيذية، إلى جانب حزبي الأغلبية الحكومية والبرلمانية.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛

● لقد غادرنا منطقة الضبابية إلى غير رجعة واستوطنا منطقة الوضوح والشفافية والمسؤولية والمصداقية، عدنا بها إلى إحياء الحزب في وجدان المغاربة، من خلال ما نهجناه من عمل وتواصل القرب وترافع عن قضايا وانشغالات المواطنين، وتجديد للفكر الاستقلالي لإبداع الحلول والبدائل والمبادرات، فضلا عن التأطير والتكوين الذي ساهمت به أكاديميات الحزب في بلورة وطنية متجددة لتعزيز كيان الأمة ووحدتها بالالتفاف حول مقدسات البلاد وصيانة مكتسباتها وترسيخ روابط الانتماء للوطن والحد من الشروخ داخل المجتمع وتقوية الوحدة الوطنية وتعزيز الإنسية المغربية، وتوطيد دعائم التماسك الاجتماعي ببلادنا.

● لقد عدنا من بعيد، لكن، هل كان من السهل، أن نرمم أعطاب البيت الداخلي ونباشر مسلسل المصالحات؟

● هل كان من السهل، وقد جئنا من بعيد، أن نقطع مع خطاب شعبوي بعيدٍ عن ثقافة حزبنا، ونؤسس لمعارضة وطنية استقلالية لا تستهدف الأشخاص ولا الهيئات والمؤسسات، وإنما تعارض السياسات وتقترح الحلول والبدائل؟

● هل كان من السهل أن نقطع مع تراكمات الماضي القريب، وأن نستعيد ثقة الإرادة الشعبية، لو لم يستشعر فينا المواطنات والمواطنون أن حزب الاستقلال قد عاد إلى مرجعيته وثوابته الراسخة، وواصل مشروعه الفكري والمجتمعي المتجدد، الذي يقوم على التعادلية والوسطية والتوازن والتضامن

● وعلينا أن نتساءل كذلك، في ظل التقاطبات السياسية والحزبية، هل كان من البديهي ومن المُكتسَب أن نكون اليوم ضمن الأغلبية التي تقود الحكومة ومعظم المجالس الترابية، لولا الاختيار الشعبي وثقة جلالة الملك، ورجاحة العرض الاستقلالي الذي بَنَيْنَاه معا في السنوات الأربع الماضية.

● وهو العرض الذي نجد صداه والتزاماته بكيفية ملموسة في العديد من مضامين وتدابير البرنامج الحكومي الذي حظي بثقة مجلس النواب، حيث تقدمنا ببرنامج واقعي، قريب من المواطنين، يستجيب لخصوصيات جميع فئات الشعب المغربي بأهداف واقعية وطموحة، منها:

- إخراج مليون فقير من الفقر؛

- تقليص الفوارق المجالية؛

- حماية وتوسيع الطبقة المتوسطة؛

- تعزيز السيادة الوطنية والسيادة الاقتصادية.


ثالثا: التحول السياسي

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛

● لقد نجحت بلادنا في تنظيم الاستحقاقات الانتخابية في موعدها الدستوري وكسبت رهان ترسيخ الخيار الديمقراطي، حيث أفرزت تناوبا ديمقراطيا جديدا، طالما نادينا بأن بلادنا في أمس الحاجة إليه، لإحداث الرجَّة الإصلاحية المنشودة ولإعادة الأمل والثقة للمغاربة في غد أفضل.

● وكانت الإرادة الشعبية حاسمة في اختيار حزبنا ضمن البديل السياسي والديمقراطي المنتخب لقيادة المرحلة المقبلة، وفي عودته القوية للمشهد السياسي الوطني، لما حباه الله من تجذر تاريخي ومجتمعي، ورصيد فكري متجدد، ومرجعية تعادلية متنورة وقوة اقتراحية مبدعة وخلاقة، ومشروع مجتمعي تعادلي متوازن ومتضامن، ينشد تحقيق الكرامة والعيش اللائق للمواطنات والمواطنين وتحقيق الإنصاف الاجتماعي والمجالي، وتقوية الطبقة الوسطى والحفاظ عليها وتحقيق مقومات العدل والمساواة وتكافؤ الفرص والتعاون والتكافل وتوطيد المكتسبات الحقوقية والديمقراطية في ظل دولة الحق والقانون.

● لقد كان حزبنا في قلب هذا التحول السياسي، بمساهمته المسؤولة في ورش مصالحة المواطنين مع الشأن السياسي على الرغم من ارتفاع سقف المطالب والانتظارات، وفي استعادة المصداقية للفعل السياسي واسترجاع الثقة في الجدوى من المشاركة الشعبية لتغيير السياسات وإحداث القطائع والتحولات، فضلا عن مساهمة حزبنا في تجويد المنظومة القانونية المؤطرة للانتخابات من خلال تعديلات واقتراحات مؤثرة لَقِيَتْ قبولا واستحسانا لدى الدولة والفرقاء والسياسيين.

● وبنفس الروح الإيجابية والبناءة ساهمنا في بلورة مشروع الميثاق الوطني للتنمية الذي دعا إليه جلالة الملك حفظه الله والذي يحدد الثوابت والقطائع والتوجهات الضرورية من أجل تحقيق انتقال تنموي يستجيب لحاجيات المواطنين ويتفاعل مع مطالبهم وتطلعاتهم.

● كما ساهمنا في تنشيط النقاش العمومي قبل وبعد الإعلان عن مخرجات النموذج التنموي الجديد الذي تقاطع إلى حَدٍّ بَعِيدٍ مع روح ومضمون عرضنا الاستقلالي.

● وكنا من دعاة تخليق الممارسة السياسية وترسيخ ثقافة الصالح العام وإعمال ربط المسؤولية بالمحاسبة والوفاء بالمواثيق والالتزامات، ورد الاعتبار للفعل السياسي وتحصينه.

● واليوم، تحقق والحمد لله ما كنا نطالب به:

- أغلبية حكومية مكونة من ثلاثة أحزاب؛

- هيكلة حكومية مُشكَّلة من أقطاب موسومة بالتوازن؛

- تجانس بين الأغلبية الحكومية والأغلبية في الجهات لتقوية البعد الترابي في السياسات العمومية ولضمان النجاعة والفعالية؛

- اعتماد برنامج حكومي إصلاحي جامع يرتكز على البرامج الانتخابية لأحزاب الأغلبية ويأخذ بعين الاعتبار ما تعهدت به من التزامات. ونعتز في حزبنا بكون 80% من الأهداف المسطرة في برنامجنا الانتخابي تم اعتمادها في البرنامج الحكومي.

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛

● نحن اليوم، من ضمن الدعائم الرئيسية للحكومة الجديدة، التي عدنا إليها بوزارات وازنة ستمكننا من مواصلة عملنا لخدمة المواطنات والمواطنين وخدمة الأهداف التي سطرناها والتي تم إدماجها في البرنامج الحكومي.

● كما أن أداء الأغلبية الحكومية، وفي تناغم مع ما جسده الفريق الحكومي قد أبان عن تجانس وانسجام ونجاعة وإرادة قوية للعمل بجد وإنجاز الإصلاحات المنشودة، ولا أَدَلَّ على ذلك، من ميلاد الحكومة وانتخاب هياكل مجلسي البرلمان وتقديم البرنامج الحكومي والمصادقة عليه وتقديم مشروع قانون المالية لسنة 2022 خلال شهر واحد.

● وقد ساهم الانسجام بين مكونات الأغلبية بشكل كبير في ربح الوقت والزمن الإصلاحي والتشريعي من أجل وضع الإطار المؤسساتي الذي تفرضه المقتضيات الدستورية والأعراف الديمقراطية.

● وقد انعكس ذلك إيجابا على:

- صياغة ميثاق للأغلبية كإطار مؤسساتي ومرجع يحدد أساليب الاشتغال والتعاون بين مختلف المؤسسات، الحكومية والبرلمانية والحزبية، وتقرر توقيعه في غُضون شهر دجنبر2021.

- تشكيل الحكومة بمقاربة مغايرة اعتمدت منطق التوافق حول البرنامج الحكومي قبل التوافق حول الحقائب لأن الهدف الأساسي هو الوفاء بالالتزامات التي تعهدت الأحزاب المشكلة للحكومة في برامجها الانتخابية للمواطنات والمواطنين.

- نهج الإنصات للمجتمع الذي طبع عمل الحكومة في بداية ولايتها بعدما أثاره (جواز التلقيح/الجواز الصحي) من سجال مجتمعي، تجاوبت معه الحكومة في حينه من خلال إلغائها لحظر التنقل الليلي، وهو القرار الذي ساهم في إعطاء متنفس للمواطنين، والتخفيف من تداعيات الأزمة التي تعيش على وقعها عدد كبير من المهن.

● وهي حكومة واعية تمام الوعي بالتحديات والرهانات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المعقودة على تنزيل الإصلاحات الكفيلة باستيعاب مطالب وحاجيات وانتظارات المواطنات والمواطنين وتحسين مستوى عيشهم وتحقيق الكرامة لهم، كما هي واعية بالأولويات المستجدة التي تتطلبها مقومات السيادة الوطنية والتي تقتضي تمنيع السيادة الاقتصادية والسيادة الصناعية وتقوية قدرات بلادنا على الصمود أمام التقلبات واعتماد سياسة وطنية إرادية لدعم المنتوج المغربي وتعميم الأفضلية الوطنية والجهوية وتحصين الأمن الغذائي والمائي والصحي والطاقي والرقمي والمالي.

● لذا سَارَعَتْ منذ الوهلة الأولى، إلى الانكباب على الملفات، في تفاعل فوري وناجع مع المطالب الاجتماعية المشروعة للمغاربة في مختلف مناطق البلاد.

- وفي هذا السياق، وتفاديا لهدر الزمن الحكومي، أخذت الحكومة زمام المبادرة، واعتمدت مشروع قانون المالية برسم سنة 2022، الذي تم إعداده من طرف الحكومة السابقة، وقدمته في وقت وجيز كقانون مالية انتقالي، بعد تجويد بعض مضامينه وتوجهاته وأدخلت بعض التعديلات عليه ليكون منسجما مع ما التزمت به الأحزاب المشكلة للحكومة في برامجها الانتخابية أمام المواطنين، وليعكس إرادة الحكومة في الاستجابة لانتظارات المغاربة في خلق فرص الشغل ودعم القدرة الشرائية لهم ومحاربة الفقر والهشاشة وتوسيع الطبقة المتوسطة والحفاظ عليها، وتقليص هوة الفوارق الاجتماعية والمجالية وغيرها من التدابير والإجراءات ذات الأولوية التي تحمل تجاوبا صريحا مع الانتظارات الملحة والأساسية للمواطنين، والتي تم إقرارها والتوافق عليها في البرنامج الحكومي.

● فيما يتعلق بمحاربة الفقر:

- خلق 125 ألف فرصة شغل دون اشتراط مؤهلات خلال سنة 2022، في إطار برنامج "أوراش" الهادف إلى تقديم إجابات فورية للذين عانوا من تداعيات جائحة كورونا؛

- إطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية الذي سيمكن عموم المغاربة من التأمين الإجباري على المرض، الاستفادة من التعويضات العائلية والتقاعد والتعويض عن فقدان الشغل؛

- توفير دخل قار للمسنين لمن تزيد أعمارهم عن 65 سنة كحد أدنى لحفظ كرامتهم، يبدأ بـ 400 درهم في سنة 2022 ويبلغ 1000 درهم في سنة 2026؛

- خراج السجل الاجتماعي إلى حيز الوجود لضمان استهداف عادل للفئات المستفيدة من البرامج الاجتماعية.

● وفيما يتعلق بتوسيع الطبقة الوسطى:

- إطلاق "برنامج فرصة" الذي يمنح قروضا مضمونة ودون فوائد للشباب حاملي المشاريع دون شروط مسبقة ؛

- إعطاء نَفَس جديد لـ "برنامج انطلاقة" وضمان استدامة المشاريع الاستثمارية المحدثة بفضله؛

- رفع الميزانية المخصصة لصندوق المقاصة لتصل إلى 16 مليار درهم من أجل مواصلة دعم عدد من المواد الاستهلاكية الأساسية كالسكر والدقيق والغاز، مع الاستعداد لضخِّ اعتمادات مالية إضافية للحفاظ على القدرة الشرائية أمام ارتفاع الأسعار الدولية؛

- تحيين النظام الجبائي للمساهمة المهنية الموحدة وخاصة المقتضيات الضريبية والجدول المعتمد لتحديد هوامش الربح لمختلف المهن والحرف الخاصة لهذا النظام؛

- استئناف منح الترقيات بأثر رجعي في الوظيفة العمومية بعد أن كانت الحكومة السابقة قد قررت الإبقاء على تجميدها للسنة الثالثة على التوالي.

● وفيما يتعلق بتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية:

- إعادة إقرار الضريبة التضامنية التي تُقْتَطَعُ من أرباح الشركات الصناعية والفلاحية الكبرى بهدف تمويل مشاريع تستهدف الفئات الهشة في المجتمع، من خلال توفير أوراش صغرى في العالم القروي والمناطق النائية، وتهيئة مناطق مخصصة للأنشطة الأساسية وتأهيل المرافق الأساسية والتجهيز اللازمة خاصة في مجالي التعليم والصحة، وتقديم الدعم للأسر المتكفلة بأطفال في وضعية إعاقة.

● وإن حزب الاستقلال كمكون أساسي في الأغلبية الحكومية، لَعَازمٌ على أن تعكس القوانين المالية القادمة بشكل كامل كل الأهداف والالتزامات التي تعهد بها حزبنا أمام المواطنات والمواطنين في برنامجه الانتخابي إلى جانب التزامات باقي الأحزاب المشكلة للحكومة.

● وسيظل حزبنا وفيًّا لمبادئه وقيمه وعقيدته الاستقلالية ومرجعيته التعادلية الاقتصادية والاجتماعية، وملتزما بميثاق الأغلبية الذي يؤطر البرنامج الحكومي الذي تم إعداده بمقاربة تشاركية، وبمبادئ العمل الحكومي والبرلماني والترابي على حد سواء.

● لذلك نحن مدعوُّون جميعا، انطلاقا من رصيدنا الفكري المتنور وخيارنا التعادلي المتجدد، وتجربتنا الرائدة في تدبير الشأن العام المحلي والوطني، ومن باب الوفاء بالتعاقدات التي تجمعنا وباقي مكونات التحالف، يتعين علينا إنجاح هذه المحطة الفارقة في تاريخ بلادنا ودعم الحكومة في مواجهتها للتحديات الداخلية والخارجية، وإسنادها في إطلاق أوراش الإصلاح ومواكبتها في تنزيل البرنامج الحكومي، وتقديم الدعم اللازم للجماعات الترابية الاستقلالية لخدمة عمل القرب وتحسين مستوى عيش الساكنة المحلية، وهو الدور الذي يتعين على وزرائنا في الحكومة ليكونوا في إنصات دائم للمنتخبين ورهن إشارتهم لخدمة المواطنات والمواطنين والتجاوب مع تطلعاتهم وانتظاراتهم.

● ونعول على حسكم النضالي ورصيدكم الفكري الرصين وذكائكم السياسي وغيرتكم الاستقلالية الصادقة، من أجل تقديم أفضل العروض في شرح وتفسير وتأطير البرنامج الحكومي، ومواكبة أداء حزبكم، بالاقتراحات النيرة لتحسينه وتطويره، والبقاء في حالة استنفار ويقظة من أجل التنبيه للأعطاب والاختلالات، بهدف تصحيحها وتصويبها ليكون الحزب في إنصات دائم لنبض المجتمع، خصوصا أننا مقبلين على مرحلة تحمل الفرص بقدر ما تحمل المخاطر، مرحلة لا تقبل أنصاف الحلول أو الإصلاحات المُجَزَّأَةِ. لابد من الجرأة السياسية ولابد من الإنصات إلى المواطن لضمان انخراطه، ولابد من البدء بالأولويات التي لا تقبل التأجيل، ولابد من النجاعة والابتكار في تنفيذ الاختيارات الإصلاحية في خدمة وبمشاركة المواطنات والمواطنين.

● كما نحن مدعوون، للعمل من أجل إنتاج أفكار جديدة وتصورات مبدعة وخلاقة استلهاما من مشروعنا التعادلي، ولعب دور القاطرة كحزب سياسي كما كنا دائما أصحاب ذكاء جماعي مُتَّقد وفكر متنور وقوة اقتراحية ناجعة.

● وإذا كان حزبنا قد أعد العدة للنهوض بمسؤولياته الوطنية في خدمة الوطن من الموقع الحكومي والترابي، فإن ذلك يجب أن لا ينسينا ضرورة إعادة ترتيب البيت الداخلي وتطوير التنظيم الحزبي لمواكبة التطورات ومواجهة التحديات بل والدخول في جيل جديد من التنظيم للارتقاء بالأداء وتجديد النخب والتأهب للمساهمة في إنجاح الانتخابات القادمة بعقلية المتصدر وبروح المنتصر وبتنظيم متطور.

● ولكسب الرهان، لابد أن يكون لكل ما ذكرناه من تحولات، وقع على المجتمع، لتعزيز قيم التعاون والتضامن والتكافل وتوفير شروط الحياة الكريمة للمواطنات والمواطنين.


رابعا: العمل التنظيمي

أيتها الأخوات، أيها الإخوة؛

● على المستوى التنظيمي، سنشرع في الإعداد لعقد المؤتمر الثامن عشر للحزب في آجاله القانونية، احتراما لمقتضيات القانون التنظيمي للأحزاب السياسية والنظام الأساسي والنظام الداخلي للحزب، ونتمنى أن تسمح الظروف الوبائية وتخفيف الإجراءات الاحترازية لعقده في أحسن الظروف.

● وهكذا، سنعقد إن شاء الله دورة استثنائية للمجلس الوطني في الأيام المقبلة، ستخصص لتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثامن عشر للحزب على أن تحدد اللجنة التنفيذية تاريخها وشكلها، مع مراعاة تطورات الوضع الوبائي ببلادنا، وسيتم الإعلان عن تاريخها في الأيام المقبلة إن شاء الله.

● ونريد كاستقلاليات واستقلاليين أن يكون مؤتمرنا المقبل مؤتمرا نوعيا وعرسا استقلاليا وديمقراطيا بامتياز، ومحطة لتقييم الأداء السياسي والتنظيمي الحزبي والانتخابي للحزب منذ المؤتمر السابع عشر، مؤتمرا لمناقشة الأسئلة المجتمعية الكبرى وإيجاد الأجوبة عليها، مؤتمرا لصياغة نموذج حزبي متجدد، وللتأهيل الشامل لبنيات ومؤسسات الحزب وهيآته، وتحديث الآليات القانونية والمؤسساتية، وتطوير الحزب بشكل كامل من حيث وظائفه وبنياته وآليات اشتغاله، بشكل يجعله قادرا على مواكبة العصر والتحولات التي يعرفها العالم، والتكيف مع الواقع المجتمعي الجديد الذي أفرزته ثورة تكنولوجيا الإعلام والاتصال وبروز فضاءات عمومية جديدة كمجالات للتنافس السياسي، تحتضن النقاش العمومي، ويتكون فيها الرأي العام إزاء مختلف القضايا، مما يُحتم على حزبنا التكيف مع هذا الواقع الجديد وإطلاق خطة جديدة لإعادة البناء ليكون حزبا بقدر تجذره في المجتمع مسنودا بمرجعياته وثوابته، بقدر انفتاحه على التجديد والتطور ومواكبته للتحولات المجتمعية والسياسية والديمقراطية.

وفقنا الله جميعا لخدمة وطننا ومواطنينا

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته"