بوابة حزب الاستقلال

الأخ نزار بركة.. ينبه للواقع المحبط لحقوق المرأة المغربية ويحذر من الارتفاع المتزايد لوتيرة العنف ضدها ويدعو إلى اعتماد مقاربة شمولية للتعاطي مع هذه الظاهرة

الجمعة 13 ديسمبر 2019

تحت شعار "لنقل جميعا لا للعنف ضد النساء"، نظمت منظمة المرأة الاستقلالية بشراكة مع الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس المستشارين، صبيحة يوم الجمعة 13 دجنبر 2019 بمقر الغرفة الثانية للبرلمان بالرباط، ندوة وطنية حول موضوع "قانون مناهضة العنف ضد النساء ، قراءات استشرافية"، وذلك بحضور وازن للإخوة أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب، وعضوات المكتب التنفيذي لمنظمة المرأة الاستقلالية، وحضور هام لمناضلات المنظمة اللواتي حججن من مختلف جهات وأقاليم المملكة.

وعرفت الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة، إلقاء الأخ فؤاد القادري لكلمة ترحيبية بإسم الفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين، بالإضافة إلى كلمة تقديمية للأخت خديجة الزومي رئيسة منظمة المرأة الاستقلالية، وتدخل كل من الأخ النعم ميارة الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والأستاذة حنان الناظر مستشارة وزيرة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة.

كما تميزت أشغال هذه الندوة التي شهدت مداخلتين رئيسيتين لكل من الأستاذة خديجة الرباح عضو مؤسس للجمعية الديمقراطية لنساء المغرب والأستاذ محمد الزهاري حقوقي ورئيس سابق للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، بالكلمة التوجيهية الهامة للأخ نزار بركة الأمين العام لحزب الاستقلال، التي عبر في مستهلها عن سعادته بالمشاركة مع مناضلات منظمة المرأة الاستقلالية في هذا اللقاء الهام الذي ينظم تخليدا لليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء.

وبهذه المناسبة، أشاد الأخ الأمين العام بمنظمة المرأة الاستقلالية، والفريق الاستقلالي بمجلس المستشارين بعملهما على تنظيم هذا اللقاء الذي يستهدف إثارة الانتباه وتحسيس الجميع بمخاطر الظاهرة وإفرازاتها وينشد تغيير ذهنيات وسلوكيات البعض بما يلاءم المدينة والتحضر، مبرزا أن تخصيص يوم عالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، نابع من وعي متنامي بضرورة توفير حماية فعلية للمرأة ضد مختلف ضروب العنف وأشكال التمييز، ومؤشر على ما وصلت إليه أوضاعها الحقوقية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية..

وأشار الأخ نزار بركة إلى أن شعور المرأة بالإحباط نتيجة ما تتعرض له من عنف وتمييز له خطورة كبيرة على تطور المجتمع وتقدمه وازدهاره، بالنظر لما يفرزه من انعكاسات سلبية تطال الالتزام الأخلاقي وتدني الشعور بالمواطنة وتبني أنماط سلوكية هدامة فضلا عن انتشار كثير من الأمراض النفسية والاجتماعية والجسمية.

وثمن الأخ الأمين العام بهذه المناسبة الجهود الكبيرة التي بذلتها منظمة المرأة الاستقلالية إلى جانب القطاعات النسائية الحزبية والجمعيات الحقوقية والمدنية لتحسين أوضاع المرأة وتأمين فعلية حقوقها، وهي الجهود التي مكنت من إعطاء زخم أكبر للمطالب النسائية، تشكلت معها تحولات دستورية وحقوقية وسياسية بقيادة جلالة الملك، مكنت من تحقيق العديد من المكاسب الوازنة لفائدة المرأة.

وذكر الأخ نزار بركة بعدد من المكتسبات التي تحققت ولا تزال في عهد جلالة الملك محمد السادس، منها مدونة الأسرة وقانون الجنسية إلى جانب قانون خادمات البيوت والمصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، بالإضافة إلى القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، وقانون محاربة العنف ضد النساء موضوع هذا اللقاء.

"لذلك فإن قناعتنا راسخة، بأن القضاء على ظاهرة العنف ضد النساء"، يقول الأخ الأمين العام أنه يبدأ من النساء أولا، فهن مطالبن بتعزيز الثقة بأنفسهن وبقدرتهن على العطاء وبناء وعي متجدد لتغيير الصور النمطية والمفاهيم الخاطئة عن أنفسهن وحقوقهن والتصدي للذهنيات والممارسات الإقصائية لهن وكافة أشكال العنف ضدهن.

واعتبر الأخ نزار بركة أن معركة النساء من أجل مناهضة العنف أو ضمان المناصفة في الحقوق ليست وليدة اليوم، بل هي معركة مستمرة لا هوادة فيها من أجل ضمان فعلية المساواة والإنصاف في الحقوق والفرص والتمتع بالمواطنة الكاملة والمشاركة غير المنقوصة في مختلف مناحي الحياة العامة.

وأوضح الأخ الأمين العام أن بلادنا بذلت جهودا محمودة لتكريس حقوق الإنسان عموما وحقوق المرأة بصفة خاصة، وقامت بإصلاحات ومراجعات وتعديلات دستورية وتشريعية لتحسين وضعية المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع واتخذت العديد من التدابير والإجراءات من أجل ضمان ملاءمة المنظومة التشريعية الوطنية مع المعايير المعتمدة دوليا، عبر الإقرار الدستوري والتشريعي بمبادئ الإنصاف والمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، والتمكين للنساء بأبعاده المختلفة وتوفير مقومات الحماية لهن ضد كل مظاهر العنف وأشكال التمييز الموجهة بصورة خاصة ضدها لاعتبارات جنسانية.

كما ذكر الأخ نزار بركة بالتعديلات المتتالية التي عرفها القانون الجنائي والتي أفضت إلى تجريم التحرش الجنسي، وبعض أشكال التمييز القائم على النوع الاجتماعي من جهة، وتشديد العقوبة المفروضة على جرائم الاغتصاب والأفعال الفاحشة ضد المرأة من جهة أخرى، بالإضافة إلى ما حمله القانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء على الرغم من ما يعتيره من نقائص، من مقتضيات إيجابية من قبيل، تجريم الطرد من بيت الزوجية، تجريم التحرش الجنسي المرتكب من قبل الزميل في العمل أو الشخص المكلف بحفظ النظام العام والأمن العمومي والذي يعتبر صدوره في حد ذاته خطوة إيجابية في اتجاه محاربة ظاهرة العنف المستفحلة ببلادنا.

ورغم كل السياسات والبرامج العمومية التي تقوم على مقاربة النوع الاجتماعي وتوفير الحماية من ظاهرة العنف، والتمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء، اعتبر الأخ الأمين العام أن تطبيقها على الأرض لا يرقى إلى سقف الطموحات، ولازال واقع حال المرأة المغربية من حيث الحماية والتمتع بالحقوق مُحبِطا ولازالت وتيرة العنف ضدها في ارتفاع متزايد كما تبرز ذلك الإحصاءات التي سجلها البحث الذي أعدته المندوبية السامية للتخطيط خلال سنة 2019.

واستعرض الأخ نزار بركة عددا من المؤشرات التي سجلها بحث المندوبية السامية للتخطيط، من قبيل معدل انتشار العنف ضد المرأة الذي يسجل 58 في المائة بالوسط الحضري أي 5.1 مليون امرأة، و55 في المائة في الوسط القروي أي 2.5 مليون امرأة، بالإضافة إلى هيمنة العنف النفسي والتمييز الاقتصادي في الفضاء المهني حيث ترجع غالبية أفعال العنف في الفضاء المهني إلى سلوك التعنيف النفسي بنسبة 49% أو إلى التمييز الاقتصادي بنسبة 34%، إلى جانب التحرش الجنسي الذي يعتبر العنف الرئيسي الممارس ضد المرأة في الأماكن العامة، حيث نجد 49% من حالات العنف المرتكبة في الأماكن العامة تعزى للتحرش الجنسي و32% منها إلى العنف النفسي و19% إلى العنف الجسدي، كما أن تصور العنف الزوجي كشأن خاص يهم الأسرة، حيث حوالي 38% من النساء و40% من الرجال يعتبرون تحمل المرأة للعنف الزوجي أمر مقبول، بمعنى أن هناك تطبيع مع العنف، للحفاظ على استقرار الأسرة.

وأكد الأخ الأمين العام أن استعراض هذه الأرقام المهولة والمؤشرات السلبية وغيرها يسائل الحكومة والسلطات العمومية للقطع مع التردد والبطء والتسويف الممنهج في تفعيل القوانين والسياسات والبرامج العمومية التي تضمن حماية المرأة وفعلية حقوقها الدستورية والتحلي بالجرأة وروح المبادرة بدل الترهل والتراخي الملحوظين بشأن النهوض بأوضاع المرأة ومحاربة مختلف مظاهر العنف والتمييز ضدها.

مبرزا أن المرأة اليوم، أصبحت طرفا أساسيا وفاعلا في عملية التنمية وهي مدعوة للمساهمة الناجعة في بلورة التعاقدات المجتمعية الجديدة لاستشراف الآفاق الواعدة لمستقبل بلادنا في ظل ما يعتمل من نقاش مجتمعي وحوار وطني حول النموذج التنموي الجديد الذي دعا إليه جلالة الملك.

كما اعتبر الأخ نزار بركة أن حزب الاستقلال الذي ظل على الدوام وفيا لمبادئه ومرجعيته التعادلية الاقتصادية والاجتماعية وملتزما برسالته في الدفاع عن حقوق المرأة وصون كرامتها وتعزيز مكانتها في المجتمع، ليقف، كما كان دأبه دائما، في طليعة المترافعين عن حماية المرأة من كل أشكال العنف والتمييز وعن تمكينها من المواطنة الكاملة غير المنقوصة.

ودعا الأخ الأمين العام إلى اعتماد مقاربة شمولية للتعاطي مع ظاهرة العنف ضد النساء، تستحضر أبعاد قيم وثقافة حقوق الإنسان الكونية، وتفعيل آليات التحسيس والتوعية بمخاطر الظاهرة والتواصل والإعلام بانعكاساتها السلبية، بالإضافة إلى التطبيق الصارم للتشريعات والقوانين ذات الصلة، وتحفيز الحس الوطني وقيم المواطنة ضمن ذكاء جماعي ينشد إنضاج الشروط الكفيلة بمناهضة الظاهرة وتحقيق التمكين الحقيقي للمرأة داخل المجتمع.

وأكد الأخ نزار بركة أن هذا الموقف الصادق من حزب الاستقلال لتوفير الحماية الحقيقية للمرأة وتمكينها من المواطنة الكاملة، ليس من قبيل المزايدة ذلك أن الوعي النسائي هو مكون متجذر في الرصيد الفكري والنضالي والسياسي للحزب وثابتا من ثوابت مرجعيته التعادلية وركيزة أساسية في أدبياته وبرامجه وترافعاته، مشيرا إلى أن قضايا المرأة حظيت بنصيب وافر من فكر الزعيم علال الفاسي، فكانت حاضرة بقوة في مختلف إنتاجاته الفقهية والقانونية والأدبية والسياسية، وكان رحمه الله في طليعة من انبرى للدفاع عن قضايا المرأة وعن تحريرها من قيود العادات والتقاليد، وتمكينها من حقوقها للمساهمة بمجهودها في تنمية الوطن.

وبهذا الخصوص، ذكر الأخ الأمين العام بما جاء في كتاب النقد الذاتي للزعيم علال الفاسي، مشيرا إلى أن تحسين حالة المرأة وإسعادها يجب أن ينال حظا مهما من تفكيرنا الاجتماعي لأنه شرط أساسي لإصلاح المجتمع وإعداد المغرب لحياة أسعد، ومبرزا أن إفرازات التطور المجتمعي والتراكمات الإيجابية التي سجلتها المرأة عبر العديد من المحطات النضالية، كرس القناعة لدى الجميع بأهلية المرأة وجدارتها لتحمل الأعباء والمسؤوليات في بناء الوطن، وبات نهمها للتمتع بكافة حقوق المواطنة راسخا ومتجذرا.

وختم الأخ نزار بركة كلمته مؤكدا أن حزب الاستقلال يعول على كل المناضلات والمناضلين ومؤسساته ومنها منظمة المرأة الاستقلالية لتنسيق جهودها مع الفعاليات النسائية والحقوقية والمدنية للترافع من أجل إنضاج وبلورة مقاربة شمولية تحقق الحماية والتمكين وتنشد التكريم الذي تستحقه المرأة.