

* مبعوثا العلم: سمير زرادي – تـ: الأشعري
اختار الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب جماعة تافرانت بدائرة غفساي لعقد لقاء دراسي تحت عنوان «اي سياسة حكومية لفك العزلة عن المناطق النائية» كنموذج للاختلالات التي تعيشها جماعات أعالي الجبال ومناطق المغرب العميق، وكذا لتطابق لائحة الحاجيات التي تنتظرها ساكنة هذه الجماعة والجماعات المجاورة التابعة لاقليم تاونات.


جهود مالية بدون أثر ملموس
وسط استقبال حار وترحاب منقطع النظير لجماهير ملأت القاعة الرئيسية والساحات المجاورة افتتح الدكتور نزار بركة الامين العام لحزب الاستقلال سلسلة التدخلات موضحا ان اختيار هذا المحور وفي جماعة تافرانت يروم شد الانتباه الى العزلة التي تعانيها ساكنة الجبال، مضيفا ان انعقاد هذا اللقاء الدراسي يأتي في سياق خاص يتسم بدعوة جلالة الملك الى ارساء نموذج تنموي جديد من ابرز مقوماته تقليص الفوارق الاجتماعية والمالية بين العالم القروي والوسط الحضري، بما يضمن فرص الشغل ويقلص البطالة ومستوى عيش الساكنة.
هوة القرية والمدينة
وارتباطا بالارتقاء الاجتماعي قال الدكتور نزار بركة ان المعدل لا يتجاوز 2 في المائة ليصبح ابن الفلاح اطارا عاليا، وهذا يطرح تساؤلات عريضة عن تكافؤ الفرص والامكانات، ويطرح بحدة اهمية النموذج التنموي والمقاربة الاجتماعية والاقتصادية الجديدة ذات آفاق وسقف عالٍ من الطموحات لأبناء البادية.
وذكر ان هذه المقاربة تتطلب اولا التخلص من الخصاص في التجهيزات التحتية والصحة والتعليم والثقافة، معتبرا ان الجهوية مدخل اساسي لتلمس هذا النهج حيث لا يتمثل المشكل في الامكانيات بل في نجاعة الامكانيات، فالمغرب يعد من اكبر الدول التي ترصد نسبة الاستثمارات العمومية لكن مردوديتها ضعيفة، فضلا عن ضعف التنسيق بين القطاعات الحكومية، ما يجعل التكلفة مرتفعة، لذلك فان الجهوية تظل اساسية لدراية المنتخبين المحليين بالاولويات والمشاكل المطروحة الي تتطلب المعالجة وصياغة المشاريع بشأنها، وفي ضوء هذه الرؤية فان النموذج التنموي الذي يشتغل عليه حزب الاستقلال يستحضر العمق الترابي.
هدر المؤهلات
من جانبه اكد الدكتور نور الدين مضيان رئيس الفريق الاستقلالي ان هذا اللقاء الدراسي ياتي ضمن استراتيجية النواب والنائبات الاستقلاليين في بلورة سياسة القرب والتواصل مع الساكنة، لذلك لم يتردد بمعية قيادة الحزب في مد الجسور مع السكان بغفساي وتاونات والجماعات التابعة لها، واختيار جماعة تافرانت لاحتضان لقاء مناقشة مشاكل الجبل والوسط القروي، وفق سياسة الانفتاح والانصات والتحاور، مؤكدا ان المعاناة بهذه المناطق متعددة ومركبة عنوانها العريض الهشاشة والتهميش، بالرغم من الامكانيات البشرية والطبيعية التي تتوفر عليها، داعيا المسؤولين على المستوى المركزي والجهوي والمحلي الى توظيف هذه الامكانات وصياغة الافكار والمقترحات التي تحقق الدينامية المنتظرة في هذه المناطق وتخرجها من العزلة وتوفر لها الحاجيات المطلوبة من التعليم والصحة والشغل والسكن والماء، سيما وان سد الوحدة يعد القلب النابض بهذه المنطقة وأسر عديدة لا تستفيد منه، وتواجه العطش صيفا.
مظاهر توريث الفقر
اثر ذلك تناول الكلمة منسق جهة فاس مكناس الاخ عبد الواحد الانصاري والذي نوه بهذا العمل لمناقشة المشاكل التي تواجهها الساكنة يوميا، مشيرا الى التضارب بين المؤهلات الطبيعية والمعضلات التي يصطدم بها ابناء هذه المناطق، لذلك تبنى حزب الاستقلال على الدوام اهمية التعادلية والتوازن في البناء الاقتصادي لاقتلاع مظاهر التوريث الجيلي للفقر والهشاشة، وتنزيل رافعات التنمية في وسط المغرب وشرقه وجنوبه لتفادي الفوارق، مؤكدا ان الفريق الاستقلالي سيكون صوت هذه المناطق لتحسين ظروفها.
90 ألف منزل بلا كهرباء
الأخ فؤاد الدويري عضو المجلس الوطني استحضر في مستهل عرضه رمزية طريق الوحدة في البناء والتلاحم المجتمعي، مذكرا بالبرامج القطاعية التي انطلقت في منتصف التسعينيات وهمت برامج الطرق القروية والكهربة والربط بشبكة الماء الشروب قصد تحسين المؤشرات في الوسط القروي والجبلي، وحققت هذه البرامج نتائج ملموسة، فإلى غاية 2017 تشير الارقام الى ان 39 الف دوار تم ربطه بشبكة الكهرباء، ما حقق استفادة مليوني اسرة و12 مليون نسمة بقيمة مالية بلغت 22 مليار درهم، موازاة مع تجهيز 3700 دوار بالألواح الشمسية، لكن تقريرا تقييميا لمجلس النواب أبان أن مليون و300 الف لم يستفيدوا من الربط بالكهرباء، اي ما يعادل 90 الف منزل، كما ان 30 الف منزل غير مبرمج.
وسجل ان الجهود المبذولة مهمة لكن الإشكال يظل كامنا في ادماج السياسات وتحقيق الحصيلة التي تترك انعكاساتها ووقعها على المواطنين.
مجهود خاص للمناطق النائية
وعلى مستوى الاقتراحات ذكر اهمية الحكامة والتدبير المحلي في نطاق الجهوية وتخصيص مجهود خاص للمناطق الجبلية والنائية تحقيقا للامركزة، وتوضيح العلاقة بدقة بين رئيس الجهة والوالي، والتركيز على المشاريع الاقتصادية بدل مشاريع البنيات التحتية لاسيما تصنيع المواد الفلاحية، وتنمية العرض السياحي في هذه المناطق لما تزخر به من مناظر طبيعية خلابة.
عضو اللجنة الموضوعاتية المكلفة بتقييم السياسات العمومية المتعلقة بتنمية المناطق الجبلية اوضح ان اختيار مناقشة هذه الاشكاليات نبع من تتبع الفريق الاستقلالي للقضايا المرتبطة بالمنطق النائية والجبلية، وسجل ان تقييم اللجنة الموضوعاتية بمجلس النواب حول السياسات العمومية وقف على مفارقات تمثلت في عدم الابقاء على نفس الوتيرة لفك العزلة عن العالم القروي بذريعة عدم اداء بعض الجماعات التزاماتها المالية ضمن الشراكات المبرمة، مؤكدا ان الجماعات التي تنتظر الطرق والمسالك فقيرة ولا تحتكم على الموارد، هذا في الوقت الذي تمثل لها تلك الطرق سبيلا الى جلب استثمارات او استقطاب مشاريع تحد من ظاهرة البطالة والفقر، ففي تاونات مثلا تنتظر 68 كلمتر من الطرق التزفيت، و20 كلمتر لم تفتح بالمرة، نفس الامر يخص وزان على امتداد 72 كلمتر و66 كلمتر في الحسيمة.
اسفل الترتيب
وقال ان البرنامج كان يستهدف تحقيق الولوجية بمعدل 80 في المائة، لكن يتضح ان النسبة تتفاوت بين اقل من 60 و97 في المائة حسب المناطق، وللأسف تاتي المناطق الجبلية دائما في اسفل الترتيب، وكمثال شفشاون وزان بنسبة 60 في المائة ثم تاونات بمعدل 71 في المائة في حين ان المعدل الوطني هو 80 بالمائة، ما يعني ان 30 في المائة من الساكنة بهذه المنطقة التي تحتضن اللقاء الدراسي تعاني من عدم فك العزلة.
العلم الإلكترونية: المخرجة الإعلامية – حكيمة الوردي
المصدر : http://www.alalam.ma/%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%83%d8%a...