بسم الله الرحمان الرحيم و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛
يسعدني أن أتناول الكلمة باسم الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، في إطار مناقشة مشروع قانون رقم 76.15 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان هذا المشروع الذي جاء في إطار تطبيق أحكام الفصلين 161 و 171 من الدستور، بعدما تم الارتقاء بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان إلى مؤسسة دستورية مستقلة موكول إليها مهمة الدفاع عن الحقوق والحريات وحمايتها والنهوض بها وصيانتها وضمان ممارستها، كما أننا نعتبر النقاش داخل اللجنة بخصوص هذا المشروع كان فرصة لنقاش دستوري وحقوقي قوي وعميق، كما ننوه باليوم الدراسي الذي عقدته اللجنة المعنية في إطار انفتاحها على مكونات المجتمع المدني، بالاضافة الى العدد الهائل من التعديلات الجوهرية التي قدمتها الفرق النيابية وهو ما يؤكد الهدف الجماعي لتجويد النص وجعل مواده تتلاءم مع الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب ذات الصلة وتمكين المجلس الوطني من آليات فعلية لحماية والدفاع عن حقوق الانسان، خصوصا اتجاه الجهات والأطراف التي يحتمل بحكم وظيفتها أن تقدم على خرق لتلك الحقوق،ويبرهن على أهمية هذه المؤسسة في المشهد الحقوقي الوطني.
إن الفريق الاستقلالي تعامل مع هذا المشروع انطلاقا من عدة محددات، أولها الدستور المغربي والقوانين التنظيمية المرتبطة به وكذا قرارات القضاء الدستوري ذات الصلة ويتعين التأكيد هنا مجددا أننا أمام مؤسسة دستورية تنتمي الى المؤسسات والهيئات المنصوص عليها في الباب الثاني عشر، ونذكر أيضا أن الدستور صنف تلك الهيئات الى ثلاثة أنواع، أولا هيئات حماية حقوق الانسان والنهوض بها، ثانيا هيئات الحكامة الجيدة والتقنيين والضبط، ثالثا هيئات التنمية البشرية، أما المحدد الثاني الذي حدد تعاطي الفريق مع المشروع هو الاتفاقية الدولية لحقوق الانسان التي صادق عليها المغرب، ثالثا التجارب الدولية الفضلى، رابعا الارادة الصادقة في تمتيع المجلس وترصيد تراكماته المهمة في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، كما نسجل هنا ملاحظة أساسية أيضا يتعين التأكيد عليها في مناقشة هذا المشروع على أن أي تقرير أو توصية أو تدبير مخالف للدستور وللتوابث الدينية صدر أو يمكن أن يصدر عن المجلس الوطني لجقوق الانسان لا يمكننا القبول به، لذلك لا يمكن إلا أن نعبر عن اعتزازنا بتصويت اللجنة عن التعديل الذي تقدم به الفريق الاستقلالي الذي يهم التوصيات والملاحظات الصادرة عن الهيئات والمعاهدات، وبخصوص المحدد الخامس فإننا نعتبر المجلس الوطني لحقوق الانسان مؤسسة دستورية وليس فوق الدستور أو البرلمان الممثل الشرعي للإرادة الشعبية النابعة من الانتخابات، هذا البرلمان الذي ظل حريصا طيلة الولاية التشريعية السابقة على تفعيل الادوار الاستشارية للمجلس الوطني لحقوق الانسان عندما طلب أرائه في العديد من النصوص البالغة الاهمية، لذلك تابعنا بدهشة كبيرة ما تناقلته بعض الوسائط بخصوص النقاش الذي هم المواد 35 و37 التي سعت بمنتهى السطحية الى تصوير الأمر وكأنه سباق نحو المقاعد بيدا أن الأمر ليس كذلك، يجب أن نقول هنا وبكل وضوح وصراحة لقد ظل المجلس الوطني لحقوق الانسان وطيلة ولايته الحالية يعكس رأي مكون فكري واحد داخل المجتمع وهي حقيقية لا يمكن أن ينكرها أحد، وعليه فقد اعتبرنا أن تنويع روافد تركيبة المجلس من شأنه الاسهام النوعي في قيامه بأدواره الدستورية بشكل متوازن وتعددي علاوة على التأكيد والحرص أن هيئات الحكامة المنصوص عليها في الباب الثاني عشر يجب أن تخضع لنفس تشريعي واحد أخذا بالاعتبار مراعاة مبدأ الانسجام التشريعي حيث أنه لا يعقل أن نشرع لكل مؤسسة على حدة، أما المحدد السادس فهو السياق الحقوقي في جزأه المتعلق بإطلاق الخطة الوطنية لحقوق الانسان والديمقراطية والذي لا يمكن إلا التنويه بها، هذا لا يمنع من الحديث عن وضعية المدافعين عن حقوق الانسان ببلادنا، وفي هذا الاطار نذكر السيد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان بواقعة تعرض الاخ محمد الزهاري رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان لتهديدات بالتصفية الجسدية والتي حظيت بتجاوب ايجابي من طرفه، لكن الرأي العام يتساءل اليوم عن مآل التحقيق الذي فتحته الشرطة القضائية في هذه النازلة، وبخصوص المحور السابع والأخير فالجميع يعلم الدور الهام الذي لعبه المجلس الوطني لحقوق الانسان في مجال العدالة الانتقالية ببلادنا وعهد إليه بتنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة، غير أن أحد اهم التوصيات التي لم تعرف طريقها الى النفاذ تلك المتعلقة بالحكامة الأمنية، وهو ما يعتبر تحديا للمجلس ويتطلب منه السهر على المساهمة في تفعيل تلك التوصية خاصة وأن الخطة الوطنية لحقوق الانسان والديمقراطية قد تطرقت الى هذا الموضوع.