عقدت لجنة التعليم والثقافة والاتصال المخصص بمجلس النوب، يوم الثلاثاء 25 شتنبر 2018، جلسة خصصت لمناقشة وضعية التعليم ببلادنا واستعمال "العبارات الدارجة" في بعض المقررات الدراسية، تميزت بالمداخلة العميقة للفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، التي تقدم بها الأخ النائب عبد المجيد الفاسي، مستعرضا الأوضاع العامة في البلادن مبرزا أن انعقاد هذا الاجتماع ياتي في وضعية سياسية واجتماعية استثنائية بكل المقاييس، عنوانها الأبرز، تفاقم "هشاشة منسوب الثقة" لدى فئات واسعة من المجتمع، وخاصة في أوساط فئة الشباب، وهو ما تعبر عنه بألم كبير، عودة ما يسمى بالهجرة السرية، وبوتيرة كبيرة ومقلقة وبشكل مستفز.
وأكد عضو الفريق الاستقلالي ضرورة العمل على إيجاد أجوبة قوية وناجعة لتعزيز الثقة، وهو ما لن يتأتى الا بكثير من العقلانية والنجاعة في التعامل مع مطالب المجتمع وأسئلته الحارقة خاصة إذا تعلق الأمر بمستقبل أبنائه، مشيرا إلى أن المعطيات المقلقة تضع الحكومة أمام أسئلة حقيقية تستلزم منها التفاعل السريع والفعال بعيدا عن خطاب الصراع السياسوي الذي يكرس مزيدا من العزوف ويساهم في هدم ما تبقى من أمل لدى فئة الشباب خاصة.
وانتقل الأخ عبدالمجيد الفاسي إلى الحديث عن الموضوع الذي التأمت من أجله لجنة التعليم والثقافة والاتصال، موضحا أن الفريق الاستقلالي تقدم قبل 22 يوما، بطلب إلى الوزارة الوصية من أجل عقد هذا الاجتماع، وذلك مباشرة بعد اطلاعه على مضمون بعض المقررات الدراسية التي تعتمد عبارات دارجة وأسماء "علم غريبة" فضلا عن عدد من المضامين التي تطرح أكثر من علامة استفهام، سواء بمقررات التعليم العمومي أو الخاص..
في ما يلي النص الكامل لمداخلة الفريق الاستقلالي :
منطلقات أساسية:
لابد بداية أن نسجل في الفريق الاستقلالي ثلاث ملاحظات أساسية، قبل التطرق إلى المحاور الرئيسية لطلب عقد اللجنة الذي تقدم به الفريق:
الملاحظة الأولى: نحن نجتمع اليوم في ظل وضعية سياسية واجتماعية استثنائية بكل المقاييس، عنوانها الأبرز، تفاقم "هشاشة منسوب الثقة" لدى فئات واسعة من المجتمع ، الثقة في قدرة المؤسسات على تحقيق التغيير وخاصة على مستوى تحســين ظــروف عيش المواطن، وتعزيـز قيمـة الاسـتحقاق، والحـد مـن حجـم الفـوارق الاجتماعية والمجالية، عبر عدد من المداخل التي ما فتئنا نشدد عليها وخاصة الرفع من نجاعة محاربــة الفســاد، وتعميــم مبــدأ ربــط المســؤولية بالمحاســبة، وزجــر الممارســات المنافيــة للتنافــس والاستحقاق وتكافؤ الفرص، ومحاربــة الامتيــازات، وهي مبادئ تحكم جوهر عملنا كسلطة دستورية، خاصة في علاقتها بالحكومة.
فاهتزاز منسوب الثقة، وخاصة في أوساط فئة الشباب، وهو ما تعبر عنه بألم كبير، عودة ما يسمى بالهجرة السرية، وبوتيرة كبيرة ومقلقة وبشكل مستفز، وما يصاحبها من خطاب التيئيس الذي يجد تربته الخصبة في فشل عدد من السياسات العمومية، يجعل من مسؤوليتنا المشتركة حكومة وبرلمان في ضرورة العمل على إيجاد أجوبة قوية وناجعة لتعزيز الثقة، وهو ما لن يتأتى الا بكثير من العقلانية والنجاعة في التعامل مع مطالب المجتمع وأسئلته الحارقة خاصة إذا تعلق الأمر بمستقبل أبنائه.
وإذا كان بعض اليأس الذي أضحى يستحوذ على فئة من الشباب المغربي، راجعا بالأساس الى فشل النموذج التنموي الذي اعتمدته بلادنا، خاصة على مستوى احداث فرص الشغل حيث لم يتجاوز عدد المناصب المحدثة سنة 2017، سقف 86 ألف منصب شغل فقط، في حيف أن تراكم عدد العاطلين الشباب يفوق مليون و200 ألف شاب وشابة، فإن الثابت أن فشل منظومة التربية والتكوين تعد أحد الأسباب الرئيسية لذلك، وهنا لابد أن نحيل على أهم الخلاصات والملاحظات التي جاءت في التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2017 وخاصة التقرير الخاص بالفوارق المجالية والاجتماعية، الصادر نهاية الأسبوع الماضي، والذي يضع الحكومة أمام أسئلة حقيقية تستلزم منها التفاعل السريع والفعال بعيدا عن خطاب الصراع السياسوي الذي يكرس مزيدا من العزوف ويساهم في هدم ما تبقى من أمل لدى فئة الشباب خاصة.
الملاحظة الثانية : في نفس السياق، يهمنا في الفريق الاستقلالي ان ننبه إلى تفاعل الوزارة الوصية مع الطلب الذي تقدم به الفريق الاستقلالي قبل 22 يوما، حيث ومباشرة بعد اطلاعه على مضمون بعض المقررات الدراسية التي تعتمد عبارات دارجة وأسماء "علم غريبة" فضلا عن عدد من المضامين التي تطرح أكثر من علامة استفهام، سواء بمقررات التعليم العمومي أو الخاص، حيث عمد الفريق الى تقديم طلب لعقد اجتماع عاجل للجنة طبقا لمقتضيات المادتين 101 و102 من النظام الداخلي لمجلس النواب والذي تلاه بلاغ واضح للجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وعدد من الأحزاب السياسية إضافة الى ما عبر عنه عدد من المثقفين والاكاديميين والإعلاميين والشباب المغربي عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فضلا عن الآراء الحاسمة لعدد كبير من الأسر المغربية التي عبرت عبر عدد من التصريحات الصحفية، micro-trotoir ، حيث تفاجأنا بإصدار الوزارة الوصية بلاغ يحمل عنوانا بارزا وغريبا، يتمثل في توصيف كل هذه الحركية والقلق المجتمعي المشروع ب "التشويش"، لذلك يهمنا السيد الوزير أن نذكركم ان تفاعلنا مع دقائق السياسة العمومية في قطاع التعليم يدخل في جوهر اختصاصنا الدستوري في مراقبة العمل الحكومي كفريق برلماني، وفي صلب اختصاصنا الدستوري في تأطير المواطنات والمواطنين كحزب سياسي، وهنا لابد أن نوضح اننا كنا ننتظر ان تختار الحكومة اللجوء السريع للبرلمان لتوضيح الأمور ومناقشتها مؤسساتيا، خاصة في ظل وجود عدد من الطلبات البرلمانية بالغرفتين، بدل الانكباب على اصدار البلاغات، وهو ما يفتح المجال واسعا أمام مزيد من تناسل القراءات السلبية التي لا يمكن مواجهتها الا بالنقاش المؤسساتي الفعال والسريع.
الملاحظة الثالثة: تتمحور حول استمرار الارتباك الحكومي في التعاطي مع كل الأزمات، حيث نسجل استغرابنا حول مضامين تصريح عدد من المسؤولين الحكوميين وما جاء على لسان السيد رئيس الحكومة عبر وكالة المغرب العربي للانباء، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض والارتباك، ومن يملك حقيقة القرار الحكومي، وكيف يتم بناءه داحل بنية الحكومة التي تظهر المحطات المتوالية أنها بعيدة كل البعد عن الانسجام المزعوم، وهو ما يهدد للأسف ليس استمرار الحكومة من عدمه، لكن تعزيز الثقة في مؤسسة الحكومة.
لقد تقدم الفريق الاستقلالي بهذا الطلب متضمنا لثلاث محاور:
-استعمال العبارات الدارجة في بعض المقررات الدراسية..
- مسطرة اعداد المقررات الدراسية والمصادقة عليها وجودة مضامينها..
- وأخيرا كيفيات تحديد أسعار المقررات الدراسية..
إننا في الفريق الاستقلالي مؤمنون بأن اللغات الحية قابلة للتطور، بل وملزمة به، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية والمعرفية التي يعرفها العالم، لكن في المقابل، فنحن أيضا حريصون على توفير الحماية اللازمة للغتينا الدستوريتين، إسوة بما تقوم به الدول العظمى في حماية وتنمية استعمال لغتها الام، بل وتخصص لذلك، مئات ملايير الدولارات في أعمال الترجمة والبعثات الثقافية والدراسية، ولا يحتاج الأمر هنا لنذكركم أن قلقنا نابع من مواقف مبدئية ومعطيات علمية: فحزب الاستقلال ومن خلال مشروعه المجتمعي المنطلق من الثوابت الجامعة للأمة المغربية كان دائما ولازال مصرا على تنمية استعمال اللغة العربية والامازيغية، ليس فقط باعتبارهما اللغتين الرسميتين للدولة كما ينص على ذلك صراحة الدستور المغربي في فصله الخامس، والذي نحن ملزمون كل من موقعه باحترامه، والتقيد بمقتضياته دون تصرف، باعتباره ممثلا للإرادة الاسمى للامة، و باعتبار اللغة العربية أيضا لغة القرآن الكريم، وهو الكتاب الرباني للدين الإسلامي السمح، والذي يمثل أحد الثوابت الجامعة التي تستند عليه الامة المغربية حسب منطوق الدستور، ولكن لعلمنا اليقين أن معركة حماية اللغتين الدستوريتين للمملكة، هو مفتاح التقدم والتنمية، عكس ما يروج له البعض، ممن يربط استعمالهما بالتخلف، بل ويحملهما وزر الفشل والتخلف، فعدد مهم من الدول حققت التقدم والتنمية والرفاه الاجتماعي بالاعتماد على لغتها الام ودون مركب نقص، علما أن مستوى انتشارها يبقى محدودا بل ولا تجاوز قطر الدولة الواحدة كما هو الشأن بالنسبة لليابان مثلا، وهي في المحصلة أصوات نشاز، تحاول جاهدة افتعال أزمة حول هذه اللغات الأم ، خدمة لأجندات معلومة، عبر تسويق اختيارات مجتمعية مضادة لثوابت الامة وضرب مقومات الانسية المغربية التي نعتز بها، في أفق افتعال أزمات قيمية نحن في غنى عنها وقد حسمها الدستور المغربي بصراحة فضلا عن عدد من التدخلات الملكية الحاسمة.
وإذا كانت بعض هذه الأصوات التائهة لا تستحق الرد، فإنه ومن باب التذكير فقط، فإننا في الفريق الاستقلالي نجدد التأكيد أن التطاول على اللغتين الرسميتين للدولة خط أحمر، وأننا كفريق استقلالي سنقف في وجه جميع هذه المحاولات الفاشلة بما يلزم الامر من يقظة دائمة، وقوة وثبات ووضوح، وأن من يمتلك مثل هذه المشاريع، فما عليه الا أن يجد لها موطئا من المشروعية المجتمعية، التي لا تحصل الا عبر أصوات المواطنين والذين عبروا بكل الطرق عن رفضهم القاطع لمحاولة اختراق مقررات أبنائهم الدراسية سواء بالعبارات الدارجة أو بمضامين غريبة أخرى.
وقد يلزم التذكير هنا أن عدد من اللغات التي كانت رائجة في بداية القرن الماضي فقط لم تعد موجودة اليوم مما يجعل من مسألة حماية اللغات الرسمية امرا ملزما ولا يقبل الالتفاف، فمسألة تدبير التنوع اللغوي والانفتاح على اللغات الحية الأخرى، يجب أن لا يكون مطلقا على حساب لغتينا الدستوريتين، وهو ما سيكون موضوع توضيح حاسم من خلال مناقشتنا لمشروع القانون الاطار الخاص بالتربية والتكوين.
وهنا تطرح مسطرة اعداد المقررات الدراسية والمصادقة عليها وجودة مضامينها، عددا مهما من الأسئلة، خاصة حول جدوى هذا التنوع الكبير في المقررات الدراسية والتي يمكن ان تختلف داخل الحي الواحد في المدينة الواحدة، وهو ما يطرح بقوة مطلب توحيد المقررات الدراسية. (هنا لابد أن نسوق عددا من الأمثلة المستفزة حول عدد من المضامين كإدراج أسماء علم كيكي ومومو و....)
وأخيرا فإن أسعار المقررات الدراسية، يبقى أيضا محط نقاش مجتمعي هام وهو ما يكلف الاسر المغربية سنويا ملايير الدراهم فكيف يعقل أن ترخص الوزارة ببيع كتب مدرسية بأكثر من مئة درهم في الوقت الذي لا يتجاوز فيه الحد الأدنى من الأجور 65 درهما في أحسن الأحوال وهو ما يسائل سياسة الحكومة في مجال حماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل استقرار الأجور منذ قرابة العقد من الزمن.
وأكد عضو الفريق الاستقلالي ضرورة العمل على إيجاد أجوبة قوية وناجعة لتعزيز الثقة، وهو ما لن يتأتى الا بكثير من العقلانية والنجاعة في التعامل مع مطالب المجتمع وأسئلته الحارقة خاصة إذا تعلق الأمر بمستقبل أبنائه، مشيرا إلى أن المعطيات المقلقة تضع الحكومة أمام أسئلة حقيقية تستلزم منها التفاعل السريع والفعال بعيدا عن خطاب الصراع السياسوي الذي يكرس مزيدا من العزوف ويساهم في هدم ما تبقى من أمل لدى فئة الشباب خاصة.
وانتقل الأخ عبدالمجيد الفاسي إلى الحديث عن الموضوع الذي التأمت من أجله لجنة التعليم والثقافة والاتصال، موضحا أن الفريق الاستقلالي تقدم قبل 22 يوما، بطلب إلى الوزارة الوصية من أجل عقد هذا الاجتماع، وذلك مباشرة بعد اطلاعه على مضمون بعض المقررات الدراسية التي تعتمد عبارات دارجة وأسماء "علم غريبة" فضلا عن عدد من المضامين التي تطرح أكثر من علامة استفهام، سواء بمقررات التعليم العمومي أو الخاص..
في ما يلي النص الكامل لمداخلة الفريق الاستقلالي :
منطلقات أساسية:
لابد بداية أن نسجل في الفريق الاستقلالي ثلاث ملاحظات أساسية، قبل التطرق إلى المحاور الرئيسية لطلب عقد اللجنة الذي تقدم به الفريق:
الملاحظة الأولى: نحن نجتمع اليوم في ظل وضعية سياسية واجتماعية استثنائية بكل المقاييس، عنوانها الأبرز، تفاقم "هشاشة منسوب الثقة" لدى فئات واسعة من المجتمع ، الثقة في قدرة المؤسسات على تحقيق التغيير وخاصة على مستوى تحســين ظــروف عيش المواطن، وتعزيـز قيمـة الاسـتحقاق، والحـد مـن حجـم الفـوارق الاجتماعية والمجالية، عبر عدد من المداخل التي ما فتئنا نشدد عليها وخاصة الرفع من نجاعة محاربــة الفســاد، وتعميــم مبــدأ ربــط المســؤولية بالمحاســبة، وزجــر الممارســات المنافيــة للتنافــس والاستحقاق وتكافؤ الفرص، ومحاربــة الامتيــازات، وهي مبادئ تحكم جوهر عملنا كسلطة دستورية، خاصة في علاقتها بالحكومة.
فاهتزاز منسوب الثقة، وخاصة في أوساط فئة الشباب، وهو ما تعبر عنه بألم كبير، عودة ما يسمى بالهجرة السرية، وبوتيرة كبيرة ومقلقة وبشكل مستفز، وما يصاحبها من خطاب التيئيس الذي يجد تربته الخصبة في فشل عدد من السياسات العمومية، يجعل من مسؤوليتنا المشتركة حكومة وبرلمان في ضرورة العمل على إيجاد أجوبة قوية وناجعة لتعزيز الثقة، وهو ما لن يتأتى الا بكثير من العقلانية والنجاعة في التعامل مع مطالب المجتمع وأسئلته الحارقة خاصة إذا تعلق الأمر بمستقبل أبنائه.
وإذا كان بعض اليأس الذي أضحى يستحوذ على فئة من الشباب المغربي، راجعا بالأساس الى فشل النموذج التنموي الذي اعتمدته بلادنا، خاصة على مستوى احداث فرص الشغل حيث لم يتجاوز عدد المناصب المحدثة سنة 2017، سقف 86 ألف منصب شغل فقط، في حيف أن تراكم عدد العاطلين الشباب يفوق مليون و200 ألف شاب وشابة، فإن الثابت أن فشل منظومة التربية والتكوين تعد أحد الأسباب الرئيسية لذلك، وهنا لابد أن نحيل على أهم الخلاصات والملاحظات التي جاءت في التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2017 وخاصة التقرير الخاص بالفوارق المجالية والاجتماعية، الصادر نهاية الأسبوع الماضي، والذي يضع الحكومة أمام أسئلة حقيقية تستلزم منها التفاعل السريع والفعال بعيدا عن خطاب الصراع السياسوي الذي يكرس مزيدا من العزوف ويساهم في هدم ما تبقى من أمل لدى فئة الشباب خاصة.
الملاحظة الثانية : في نفس السياق، يهمنا في الفريق الاستقلالي ان ننبه إلى تفاعل الوزارة الوصية مع الطلب الذي تقدم به الفريق الاستقلالي قبل 22 يوما، حيث ومباشرة بعد اطلاعه على مضمون بعض المقررات الدراسية التي تعتمد عبارات دارجة وأسماء "علم غريبة" فضلا عن عدد من المضامين التي تطرح أكثر من علامة استفهام، سواء بمقررات التعليم العمومي أو الخاص، حيث عمد الفريق الى تقديم طلب لعقد اجتماع عاجل للجنة طبقا لمقتضيات المادتين 101 و102 من النظام الداخلي لمجلس النواب والذي تلاه بلاغ واضح للجنة التنفيذية لحزب الاستقلال وعدد من الأحزاب السياسية إضافة الى ما عبر عنه عدد من المثقفين والاكاديميين والإعلاميين والشباب المغربي عبر وسائط التواصل الاجتماعي، فضلا عن الآراء الحاسمة لعدد كبير من الأسر المغربية التي عبرت عبر عدد من التصريحات الصحفية، micro-trotoir ، حيث تفاجأنا بإصدار الوزارة الوصية بلاغ يحمل عنوانا بارزا وغريبا، يتمثل في توصيف كل هذه الحركية والقلق المجتمعي المشروع ب "التشويش"، لذلك يهمنا السيد الوزير أن نذكركم ان تفاعلنا مع دقائق السياسة العمومية في قطاع التعليم يدخل في جوهر اختصاصنا الدستوري في مراقبة العمل الحكومي كفريق برلماني، وفي صلب اختصاصنا الدستوري في تأطير المواطنات والمواطنين كحزب سياسي، وهنا لابد أن نوضح اننا كنا ننتظر ان تختار الحكومة اللجوء السريع للبرلمان لتوضيح الأمور ومناقشتها مؤسساتيا، خاصة في ظل وجود عدد من الطلبات البرلمانية بالغرفتين، بدل الانكباب على اصدار البلاغات، وهو ما يفتح المجال واسعا أمام مزيد من تناسل القراءات السلبية التي لا يمكن مواجهتها الا بالنقاش المؤسساتي الفعال والسريع.
الملاحظة الثالثة: تتمحور حول استمرار الارتباك الحكومي في التعاطي مع كل الأزمات، حيث نسجل استغرابنا حول مضامين تصريح عدد من المسؤولين الحكوميين وما جاء على لسان السيد رئيس الحكومة عبر وكالة المغرب العربي للانباء، فكيف يمكن تفسير هذا التناقض والارتباك، ومن يملك حقيقة القرار الحكومي، وكيف يتم بناءه داحل بنية الحكومة التي تظهر المحطات المتوالية أنها بعيدة كل البعد عن الانسجام المزعوم، وهو ما يهدد للأسف ليس استمرار الحكومة من عدمه، لكن تعزيز الثقة في مؤسسة الحكومة.
لقد تقدم الفريق الاستقلالي بهذا الطلب متضمنا لثلاث محاور:
-استعمال العبارات الدارجة في بعض المقررات الدراسية..
- مسطرة اعداد المقررات الدراسية والمصادقة عليها وجودة مضامينها..
- وأخيرا كيفيات تحديد أسعار المقررات الدراسية..
إننا في الفريق الاستقلالي مؤمنون بأن اللغات الحية قابلة للتطور، بل وملزمة به، خاصة في ظل الثورة التكنولوجية والمعرفية التي يعرفها العالم، لكن في المقابل، فنحن أيضا حريصون على توفير الحماية اللازمة للغتينا الدستوريتين، إسوة بما تقوم به الدول العظمى في حماية وتنمية استعمال لغتها الام، بل وتخصص لذلك، مئات ملايير الدولارات في أعمال الترجمة والبعثات الثقافية والدراسية، ولا يحتاج الأمر هنا لنذكركم أن قلقنا نابع من مواقف مبدئية ومعطيات علمية: فحزب الاستقلال ومن خلال مشروعه المجتمعي المنطلق من الثوابت الجامعة للأمة المغربية كان دائما ولازال مصرا على تنمية استعمال اللغة العربية والامازيغية، ليس فقط باعتبارهما اللغتين الرسميتين للدولة كما ينص على ذلك صراحة الدستور المغربي في فصله الخامس، والذي نحن ملزمون كل من موقعه باحترامه، والتقيد بمقتضياته دون تصرف، باعتباره ممثلا للإرادة الاسمى للامة، و باعتبار اللغة العربية أيضا لغة القرآن الكريم، وهو الكتاب الرباني للدين الإسلامي السمح، والذي يمثل أحد الثوابت الجامعة التي تستند عليه الامة المغربية حسب منطوق الدستور، ولكن لعلمنا اليقين أن معركة حماية اللغتين الدستوريتين للمملكة، هو مفتاح التقدم والتنمية، عكس ما يروج له البعض، ممن يربط استعمالهما بالتخلف، بل ويحملهما وزر الفشل والتخلف، فعدد مهم من الدول حققت التقدم والتنمية والرفاه الاجتماعي بالاعتماد على لغتها الام ودون مركب نقص، علما أن مستوى انتشارها يبقى محدودا بل ولا تجاوز قطر الدولة الواحدة كما هو الشأن بالنسبة لليابان مثلا، وهي في المحصلة أصوات نشاز، تحاول جاهدة افتعال أزمة حول هذه اللغات الأم ، خدمة لأجندات معلومة، عبر تسويق اختيارات مجتمعية مضادة لثوابت الامة وضرب مقومات الانسية المغربية التي نعتز بها، في أفق افتعال أزمات قيمية نحن في غنى عنها وقد حسمها الدستور المغربي بصراحة فضلا عن عدد من التدخلات الملكية الحاسمة.
وإذا كانت بعض هذه الأصوات التائهة لا تستحق الرد، فإنه ومن باب التذكير فقط، فإننا في الفريق الاستقلالي نجدد التأكيد أن التطاول على اللغتين الرسميتين للدولة خط أحمر، وأننا كفريق استقلالي سنقف في وجه جميع هذه المحاولات الفاشلة بما يلزم الامر من يقظة دائمة، وقوة وثبات ووضوح، وأن من يمتلك مثل هذه المشاريع، فما عليه الا أن يجد لها موطئا من المشروعية المجتمعية، التي لا تحصل الا عبر أصوات المواطنين والذين عبروا بكل الطرق عن رفضهم القاطع لمحاولة اختراق مقررات أبنائهم الدراسية سواء بالعبارات الدارجة أو بمضامين غريبة أخرى.
وقد يلزم التذكير هنا أن عدد من اللغات التي كانت رائجة في بداية القرن الماضي فقط لم تعد موجودة اليوم مما يجعل من مسألة حماية اللغات الرسمية امرا ملزما ولا يقبل الالتفاف، فمسألة تدبير التنوع اللغوي والانفتاح على اللغات الحية الأخرى، يجب أن لا يكون مطلقا على حساب لغتينا الدستوريتين، وهو ما سيكون موضوع توضيح حاسم من خلال مناقشتنا لمشروع القانون الاطار الخاص بالتربية والتكوين.
وهنا تطرح مسطرة اعداد المقررات الدراسية والمصادقة عليها وجودة مضامينها، عددا مهما من الأسئلة، خاصة حول جدوى هذا التنوع الكبير في المقررات الدراسية والتي يمكن ان تختلف داخل الحي الواحد في المدينة الواحدة، وهو ما يطرح بقوة مطلب توحيد المقررات الدراسية. (هنا لابد أن نسوق عددا من الأمثلة المستفزة حول عدد من المضامين كإدراج أسماء علم كيكي ومومو و....)
وأخيرا فإن أسعار المقررات الدراسية، يبقى أيضا محط نقاش مجتمعي هام وهو ما يكلف الاسر المغربية سنويا ملايير الدراهم فكيف يعقل أن ترخص الوزارة ببيع كتب مدرسية بأكثر من مئة درهم في الوقت الذي لا يتجاوز فيه الحد الأدنى من الأجور 65 درهما في أحسن الأحوال وهو ما يسائل سياسة الحكومة في مجال حماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة في ظل استقرار الأجور منذ قرابة العقد من الزمن.