لن تكون المرة الأولى ولا الأخيرة التي تجتهد فيها مؤسسات اقتصادية ومالية ونقدية واحصائية وطنية، بالاتفاق أو الاختلاف فيما بينها لمواجهة تحديات الأزمات والظرفيات الصعبة ببلادنا، والتصدي لتداعياتها على معيشة المواطن ومناعة الاقتصاد.
فما ترسي به هذه المؤسسات في تدخلاتها من اختصاصات نوعية وخبرات مقدرة، تؤهلها بأن تدلي بدلوها في التفكير والتدبير العموميين، لمثل هذه اللحظات الدقيقة اقتصاديا واجتماعيا التي تحتاج تعبئة الجميع، وشجاعة الجميع، وشحذ الذكاء الجماعي المؤسساتي.
وعلى غرار العديد من بلدان العالم، ما زال المغرب يعيش على وقع عدة صدمات متتالية، من صدمة كوفيد وتأثيراتها الكارثية على النمو والشغل، وصدمة التوريدات المستوردة من المواد الطاقية والأولية والمدخلات الفلاحية والصناعية، وصدمة شح المياه وقلة التساقطات التي أعاقت توافر العرض الفلاحي الكافي… وهي كلها عوامل أدت بكيفية مباشرة إلى تعاظم صدمة التضخم وتفاقمها ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود، لا سيما بالنسبة للمواد الغذائية ( 20.1%)، وهو ارتفاع ساهمت فيه من جهة اخرى ممارسات المضاربين بمختلف مستوياتهم والمخزنين السريين والمتلاعبين بالأسعار وتوازنات الأسواق لتحقيق الربح غير المشروع على حساب المواطن وعلى حساب الاستقرار.
لذلك، لا ضير، إن لم يكن من الواجب، أن تبادر مؤسسات من قبيل بنك المغرب، والمندوبية السامية للتخطيط، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إسنادًا وتنويرا للحكومة وبمعيتها، إلى ترجيح الاختيارات واتخاذ القرارات واقتراح التوجهات التي تراها ملائمة وناجعة لواقع الحال، لا سيما وأنه من الصعب اليوم لأي دولة أو مؤسسة أو مدرسة اقتصادية أن تدعي امتلاك وصفة سحرية جاهزة وشافية (فورية و/أو هيكلية) تمكن من الإسعاف من الظرفية الحالية بتعالقاتها المالية والنقدية والاقتصادية والجير-سياسية والمناخية. وبالتالي، ارتهانها بعدد من عوامل عدم اليقين.
ولأن الحكومة مسؤولة بموجب الدستور أمام الإرادة الشعبية وتوجد على محك التدبير اليومي لحاجيات وانتظارات المواطنات والمواطنين، والتفاعل مع الطوارئ والاختلالات المستجدة بالاستباقية والتدخل الاستعجالي والتخطيط الهيكلي، فقد اختارت التصدي لهذه الظرفية الصعبة من خلال مقاربتين أساسيتين :
- أولهما اتخاذ تدابير مستعجلة وآنية، للحد من تأثيرات وتداعيات الظرفية الاقتصادية الصعبة، ونقول الحد منها وليس القضاء عليها-لأنها لا تملك القدرة على ذلك بسبب التأثيرات الخارجية. نعم قد يكون صحيحا أن بعض من أسباب هذه الظرفية داخلي ويرتبط أساسا ببعض المنتوجات الفلاحية، ولكن من الصعب إنكار العوامل الخارجية بصفة عامة، أو اعتبار أسباب الأزمة داخلية صرفة.
وتمثلت التدابير الحكومة المستعجلة في الانتظام في تقديم الدعم المالي لمهنيي النقل، لتجنب زيادات في أسعار خدمات النقل العام ونقل البضائع، وتقديم دعم مالي استثنائي للمكتب الوطني للماء والكهرباء للحيلولة دون الزيادة في أسعار الكهرباء، بسبب ارتفاع أسعار الفحم في الأسواق العالمية، ناهيك عن تمويل نتائج الحوار الاجتماعي في العديد من القطاعات وصرف متأخرات الترقيات المجمدة منذ سنتين (8 مليار درهم)، كما قررت الحكومة إعفاءات جمركية وضريبية مهمة بالنسبة لاستيراد العجول والأبقار والأغنام لتزويد السوق الداخلي باللحوم ولكبح ارتفاع أسعارها. كما قررت الحكومة حظر تصدير مادة الطماطم بعدما إرتفعت أسعارها في السوق الداخلي، ورغم الآثار السلبية لهذا القرار على المصدرين المغاربة، وعلى الميزان التجاري الخارجي، إلا أن القرار دخل حيز التنفيذ فعلا. كما كثفت السلطات العمومية من حملاتها المتعلقة بمحاربة الاحتكار والزيادات غير المشروعة والتصدي للمضاربات.
- وثانيهما، مواصلة الحكومة العمل فيما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية الكبرى، في تعميم الحماية الاجتماعية، وإصلاح منظومة الصحة، وفي السياحة والصناعة وفي التعليم، وغيرها من القطاعات الاستراتيجية والحيوية.
ومهما كانت الإختلافات في التقدير العام، فإنه من الصعب الإنكار بأن التدابير الحكومية المتخذة لم تكون لها آثار إيجابية في ما يخص كبح جماح الأسعار. وقد يعتبر البعض أن ذلك كله لم يكن كافيا، وأن الحكومة كان، ولا يزال أمامها اختيارات أخرى، ولكن ليس إلى حد الإنكار العام لما تم بذله من جهود مهمة ووازنة ماليا وضريبيا واجتماعيا.
إن النقاش الحالي حول الاختيارات الأنجع والأمثل للتعاطي مع هذه الظروف الاقتصادية الحرجة هو مؤشر لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا على طبيعة الهندسة المؤسساتية للدولة المغربية التي تقوم على الفصل و التوازن في الاختصاصات والصلاحيات والتكامل والتعاون في التدخلات، لما فيه خير بلادنا وصالح المواطنات والمواطنين.
فما ترسي به هذه المؤسسات في تدخلاتها من اختصاصات نوعية وخبرات مقدرة، تؤهلها بأن تدلي بدلوها في التفكير والتدبير العموميين، لمثل هذه اللحظات الدقيقة اقتصاديا واجتماعيا التي تحتاج تعبئة الجميع، وشجاعة الجميع، وشحذ الذكاء الجماعي المؤسساتي.
وعلى غرار العديد من بلدان العالم، ما زال المغرب يعيش على وقع عدة صدمات متتالية، من صدمة كوفيد وتأثيراتها الكارثية على النمو والشغل، وصدمة التوريدات المستوردة من المواد الطاقية والأولية والمدخلات الفلاحية والصناعية، وصدمة شح المياه وقلة التساقطات التي أعاقت توافر العرض الفلاحي الكافي… وهي كلها عوامل أدت بكيفية مباشرة إلى تعاظم صدمة التضخم وتفاقمها ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود، لا سيما بالنسبة للمواد الغذائية ( 20.1%)، وهو ارتفاع ساهمت فيه من جهة اخرى ممارسات المضاربين بمختلف مستوياتهم والمخزنين السريين والمتلاعبين بالأسعار وتوازنات الأسواق لتحقيق الربح غير المشروع على حساب المواطن وعلى حساب الاستقرار.
لذلك، لا ضير، إن لم يكن من الواجب، أن تبادر مؤسسات من قبيل بنك المغرب، والمندوبية السامية للتخطيط، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إسنادًا وتنويرا للحكومة وبمعيتها، إلى ترجيح الاختيارات واتخاذ القرارات واقتراح التوجهات التي تراها ملائمة وناجعة لواقع الحال، لا سيما وأنه من الصعب اليوم لأي دولة أو مؤسسة أو مدرسة اقتصادية أن تدعي امتلاك وصفة سحرية جاهزة وشافية (فورية و/أو هيكلية) تمكن من الإسعاف من الظرفية الحالية بتعالقاتها المالية والنقدية والاقتصادية والجير-سياسية والمناخية. وبالتالي، ارتهانها بعدد من عوامل عدم اليقين.
ولأن الحكومة مسؤولة بموجب الدستور أمام الإرادة الشعبية وتوجد على محك التدبير اليومي لحاجيات وانتظارات المواطنات والمواطنين، والتفاعل مع الطوارئ والاختلالات المستجدة بالاستباقية والتدخل الاستعجالي والتخطيط الهيكلي، فقد اختارت التصدي لهذه الظرفية الصعبة من خلال مقاربتين أساسيتين :
- أولهما اتخاذ تدابير مستعجلة وآنية، للحد من تأثيرات وتداعيات الظرفية الاقتصادية الصعبة، ونقول الحد منها وليس القضاء عليها-لأنها لا تملك القدرة على ذلك بسبب التأثيرات الخارجية. نعم قد يكون صحيحا أن بعض من أسباب هذه الظرفية داخلي ويرتبط أساسا ببعض المنتوجات الفلاحية، ولكن من الصعب إنكار العوامل الخارجية بصفة عامة، أو اعتبار أسباب الأزمة داخلية صرفة.
وتمثلت التدابير الحكومة المستعجلة في الانتظام في تقديم الدعم المالي لمهنيي النقل، لتجنب زيادات في أسعار خدمات النقل العام ونقل البضائع، وتقديم دعم مالي استثنائي للمكتب الوطني للماء والكهرباء للحيلولة دون الزيادة في أسعار الكهرباء، بسبب ارتفاع أسعار الفحم في الأسواق العالمية، ناهيك عن تمويل نتائج الحوار الاجتماعي في العديد من القطاعات وصرف متأخرات الترقيات المجمدة منذ سنتين (8 مليار درهم)، كما قررت الحكومة إعفاءات جمركية وضريبية مهمة بالنسبة لاستيراد العجول والأبقار والأغنام لتزويد السوق الداخلي باللحوم ولكبح ارتفاع أسعارها. كما قررت الحكومة حظر تصدير مادة الطماطم بعدما إرتفعت أسعارها في السوق الداخلي، ورغم الآثار السلبية لهذا القرار على المصدرين المغاربة، وعلى الميزان التجاري الخارجي، إلا أن القرار دخل حيز التنفيذ فعلا. كما كثفت السلطات العمومية من حملاتها المتعلقة بمحاربة الاحتكار والزيادات غير المشروعة والتصدي للمضاربات.
- وثانيهما، مواصلة الحكومة العمل فيما يتعلق بالإصلاحات الهيكلية الكبرى، في تعميم الحماية الاجتماعية، وإصلاح منظومة الصحة، وفي السياحة والصناعة وفي التعليم، وغيرها من القطاعات الاستراتيجية والحيوية.
ومهما كانت الإختلافات في التقدير العام، فإنه من الصعب الإنكار بأن التدابير الحكومية المتخذة لم تكون لها آثار إيجابية في ما يخص كبح جماح الأسعار. وقد يعتبر البعض أن ذلك كله لم يكن كافيا، وأن الحكومة كان، ولا يزال أمامها اختيارات أخرى، ولكن ليس إلى حد الإنكار العام لما تم بذله من جهود مهمة ووازنة ماليا وضريبيا واجتماعيا.
إن النقاش الحالي حول الاختيارات الأنجع والأمثل للتعاطي مع هذه الظروف الاقتصادية الحرجة هو مؤشر لا يمكن إلا أن يكون إيجابيا على طبيعة الهندسة المؤسساتية للدولة المغربية التي تقوم على الفصل و التوازن في الاختصاصات والصلاحيات والتكامل والتعاون في التدخلات، لما فيه خير بلادنا وصالح المواطنات والمواطنين.